الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ١٥٧
مع قوله تعالى: * (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) * الآية: فنظرنا في النصين المذكورين فوجدنا الانصات عاما لكل كلام، سلاما كان أو غيره، ووجدنا ذلك في وقت خاص وهو وقت الخطبة والصلاة، ووجدنا في النص الثاني إيجاب رد السلام وهو بعض الكلام في كل حالة على العموم. فقال بعض العلماء: معنى ذلك أنصت إلا عن السلام الذي أمرت بإفشائه ورده في الخطبة، وقال بعضهم: رد السلام وسلم إلا أن تكون منصتا للخطبة أو في الصلاة.
قال علي: فليس أحد الاستثناءين أولى من الثاني، فلا بد من طلب الدليل من غير هذه الرتبة.
قال علي: وإنما صرنا إلى إيجاب السلام رد السلام وابتدائه في الخطبة دون الصلاة لان الصلاة قد ورد فيها نص بين بأنه عليه السلام، سلم عليه فيها فلم يرد بعد أن كان يرد، وأنه سئل عن ذلك فقال عليه السلام: إن الله يحدث من أمره ما يشاء وإنه أحدث ألا تكلموا في الصلاة أو كلاما هذا معناه.
قال علي: وليس امتناع رد السلام في الصلاة موجبا ألا يرد أيضا في الخطبة، لان الخطبة ليست صلاة، ولم يلزم فيها استقبال القبلة ولا شئ مما يلزم في الصلاة، وأما الخطبة فإنا نظرنا في أمرها فوجدنا المعهود، والأصل إباحة الكلام جملة، ثم جاء النهي عن الكلام في الخطبة، وجاء الامر برد السلام واجبا وإفشائه، فكان النهي عن الكلام زيادة على معهود الأصل، وشريعة واردة قد تيقنا لزومها، وكان رد السلام وإفشاؤه أقل معاني من النهي عن الكلام فوجب استثناؤه، فصرنا بهذا الترتيب الذي ذكرناه في القسم الأول آنفا.
قال علي: ومن ذلك أمره عليه السلام: من نام عن الصلاة أو نسيها أن يصليها إذا ذكرها، ونهيه عن الصلاة بعد العصر وبعد الصبح، وحين استواء الشمس، فقال بعض العلماء: معناه فليصلها إذا ذكرها إلا أن يكون وقتا منهيا عن الصلاة فيها.
وقال آخرون: معناه لا تصلوا بعد العصر، ولا بعد الصبح ولا حين استواء الشمس، إلا أن تكون صلاة نمتم عنها أو نسيتموها أو أمرتم بها ندبا أو فرضا أو تعودتموها.
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258