منداد عن مالك بن أنس، والبرهان على صحة وجوب قبوله قول الله عز وجل:
(فلولا نفر من كل فرقة طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) * فأوجب الله تعالى على كل فرقة قبول نذارة النافر منها بأمره بالنفقة وبالنذارة، ومن أمره الله تعالى بالتفقه في الدين وإنذار قومه، فقد انطوى في هذا الامر إيجاب قبول نذارته على من أمره بإنذارهم. والطائفة في لغة العرب التي بها خوطبنا يقع على الواحد فصاعدا، وطائفة من الشئ بمعنى بعضه هذا ما لا خلاف بين أهل اللغة فيه، وإنما حد من حد في قوله تعالى وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) أنهم أربعة لدليل ادعاه، وكان بذلك ناقضا لمعهود اللغة، ولم يدع قط قائل ذلك القول أن الطائفة في اللغة لا تقع إلا على أربعة. وأما نحن فاللازم عندنا أن يشهد عذاب الزنى واحد على ما نعرف من معنى الطائفة، فإن شهد أكثر فذلك مباح والواحد يجزي.
وبرهان آخر، وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رسولا إلى كل ملك من ملوك الأرض المجاورين لبلاد العرب، وقد اعترض بعض من يخالفنا في ذلك بأن قال: إن الرفاق والتجار، وردوا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقتصر بذلك على الرسول وحده.
قال أبو محمد: وهذا شغب وتمويه لا يجوز إلا على ضعيف، ونحن لا نشك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتصر بالرسل المذكورين على الاخبار بظهوره ومعجزاته المنقولة بخير الرفاق والسفار، بل أمرهم بتعليم من أسلم شرائع الاسلام ومسائل العبادات والاحكام، ليس من شئ من ذلك منقولا على ألسنة الرفاق والسفار، وبعثه هؤلاء الرسل مشهورة بلا خوف، منقولة نقل الكواف. فقد ألزم النبي صلى الله عليه وسلم كل ملك. ورعيته قبول ما أخبرهم به الرسول الموجه نحوهم من شرائع دينهم.
قال علي: وكذلك بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا إلى الجند