إلى الباطل فهو باطل بلا شك، وبالله تعالى التوفيق، فلم يبق إلا قول من قال بالتواتر ولم يحد عددا.
قال علي: ونقول ههنا إن شاء الله تعالى قولا باختصار، فنقول وبالله تعالى التوفيق: لكل من حد في عدد نقلة خبر التواتر حدا لا يكون أقل منه يوجب تيقن صدقه ضرورة من سبعين أو عشرين، أو عدد لا نحصيهم، وإن كان في ذاته محصي ذا عدد محدود، أو أهل المشرق والمغرب، ولا سبيل إلى لقائه ولا لقاء أحد لهم كلهم ولا بد له من الاقتصار على بعضهم دون بعض بالضرورة، ولا بد من أن يكون لذلك التواتر الذي يدعونه في ذاته عدد إن نقص منه واحد لم يكن متواترا، وإلا فقد ادعوا ما لا يعرف أبدا ولا يعقل. فإذن لا بد من تحديد عدد ضرورة، فنقول لهم: ما تقولون إن سقط من هذا الحد الذي حددتم واحد، أيبطل سقوط ذلك الواحد قبول ذلك الخبر أم لا يبطله؟ فإن قال: يبطله، تحكم بلا برهان، وكل قول بمجرد الدعوى بلا برهان فهو مطروح ساقط، فإن قال بقبوله أسقطنا له آخر ثم آخر، حتى يبلغ إلى واحد فقط، وإن حد عددا سئل عن الدليل على ذلك فلا سبيل له إليه البتة.
وأيضا فإنه ما في القول فرق بين ما نقله عشرون وبين ما نقله تسعة عشر، ولا بين ما نقله سبعون ولا ما نقله تسعة وستون، وليس ذكر هذه الاعداد في القرآن وفي القسامة وفي بعض الأحوال وفي بعض الاخبار بموجب ألا يقبل أقل منها في الاخبار، وقد ذكر تعالى في القرآن أعدادا غير هذه، فذكر تعالى الواحد والاثنين والثلاثة والأربعة والمائة ألف وغير ذلك، ولا فرق بين ما تعلق بعدد منها وبين ما تعلق بعدد آخر منها، ولم يأت من هذه الاعداد في القرآن شئ في باب قبول الاخبار ولا في قيام حجة بهم، فصارف ذكرها إلى ما لم يقصد بها مجرم وقاح محرف للكلم عن مواضعه، وإن قال: لا يبطل قبول الخبر بسقوط واحد من العدد الذي حد - كان قد ترك مذهبه الفاسد، ثم سألناه عن إسقاط آخر أيضا مما بقي من ذلك العدد، وهكذا حتى يبعد عما حد بعدا شديدا، فإن نظروا هذا بما يمكن حده من الأشياء كانوا مدعين بلا دليل، ومشبهين بلا برهان، وحكم كل شئ يجعله المرء دينا له أن ينظر في حدوده ويطلبها، إلا ما أصبح إجماع أو نص