بإسناده ولفظه، إلا أنه قال مكان طيبة: نقية، ومكان غيث: الغيث الكثير، ومكان ورعوا: وزرعوا، ومكان فقه: تفقه، ومكان قيعان: قيعة، واتفقا في كل ما عدا ذلك.
قال علي: وليس اختلاف الروايات عيبا في الحديث إذا كان المعنى واحدا، لان النبي صلى الله عليه وسلم صح عنه أنه إذا كان يحدث بحديث كرره ثلاث مرات، فنقل كل إنسان بحسب ما سمع فليس هذا الاختلاف في الروايات مما يوهن الحديث إذا كان المعنى واحدا.
قال علي: فقد جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث مراتب أهل العلم دون أن يشذ منها شئ، فالأرض الطيبة النقية هي مثل الفقيه الضابط لما روى، الفهم للمعاني التي يقتضيها لفظ النص، المتنبه على رد ما اختلف فيه الناس إلى نص حكم القرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما الأجادب، الممسكة للماء التي يستقي منها الناس، فهي مثل الطائفة التي حفظت ما سمعت أو ضبطته بالكتاب وأمسكته، حتى أدته إلى غيرها غير مغير، ولم يكن لها تنبه على معاني ألفاظ ما روت، ولا معرفة بكيفية رد ما اختلف الناس فيه إلى نص القرآن والسنن التي روت، لكن نفع الله تعالى بهم في التبليغ فبلغوه إلى من هو أفهم بذلك فقد أنذر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا إذ يقول: فرب مبلغ أوعى من سامع، وكما روي عنه عليه السلام أنه قال: فرب حامل فقه ليس بفقيه.
قال أبو محمد: فمن لم يحفظ ما سمع ولا ضبطه، فليس مثل الأرض الطيبة ولا مثل الأجادب الممسكة للماء بل هو محروم معذور أو مسخوط بمنزلة القيعان التي لا تنبت الكلأ ولا تمسك الماء وفي هذا كفاية بيان، وبالله تعالى التوفيق.
قال علي: فمن استطاع منكم فليكن من أمثال الأرض الطيبة، فإن حرم ذلك فمن الأجادب وليس بعد ذلك درجة في الفضل والبسوق، ونعوذ بالله من أن نكون من القيعان، لكن من استقى من الأجادب ورعى من الطيبة فقد نجا، وبالله التوفيق.
قال علي: فإذا روى العدل عن مثله كذلك خبرا حتى يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم فقد وجب الاخذ به، ولزمت طاعته والقطع به، سواء أرسله غيره أو أوقفه سواه، أو رواه كذاب من الناس، وسواء روي من طريق أخرى أو لم