عدول لا أقل، وإنما في ذلك خمسون جلدة وتغريب نصف عام، ووجدنا كما قد وافقتمونا على القبول في إباحة دم المسلم ودماء الجماعة باثنين، وكذلك في القذف والقطع، فأين طيب النفس ههنا. فبهذا وغيره يجب قبول ما قام الدليل عليه، وسواء طابت عليه النفس أو لم تطب.
قال علي: والمرأة والرجل والعبد في كل ما ذكرنا سواء، ولا فرق ولم يخص تعالى عدلا من عدل، ولا رجلا من امرأة ولا حرا من عبد.
قال علي: وبما ذكرنا ههنا يبطل قول من قال: هذا الحديث لم يرو من غير هذا الوجه ثم قال: إنما طلبنا كثرة الرواة على استطابة النفس، فإن اعترضوا بقول إبراهيم عليه السلام إذ يقول: رب أرني كيف تحيى الموتى الآية قيل لهم:
أفترون يقين الخليل عليه السلام كان مدخولا قبل أن يرى إحياء الطير فإن قلتم هذا كفرتم ولو لم يره الله تعالى ذلك - كما لم ير موسى ما سأل - ما تخالج إبراهيم شك في صحة إحياء الله تعالى الموتى، وكذلك نحن إن وجدنا الحديث مرويا من طرق كان ذلك أبلغ أن الحجة عند المخالف فقط وإن عدمناه فقد لزمنا القبول لنقل الواحد بالحجاج التي قدمنا، وبينا على أي وجه طلب إبراهيم ما طلب في كتابنا في الملل والنحل.
قال علي: ومن عدله عدل وجرحه عدل فهو ساقط الخبر، والتجريح يغلب التعديل، لأنه علم زائد عند المجرح لم يكن عند المعدل، وليس هذا تكذيبا للذي عدل بل هو تصديق لهما معا، فإن قال قائل: فهلا قلتم بل عند المعدل علم لم يكن عند المجرح؟ قيل له: كذلك نقول ونصدق كل واحد منهما، فإذا صح خبرهما معا عليه فلا خلاف في أن كل من جمع عدالة ومعصية فأطاع في قصة وصلى وصام، وزكى وفسق في أخرى وزنى أو شرب الخمر أو أتى كبيرة أو جاهر بصغيرة، فإنه فاسق عند جميع الأمة بلا خلاف، ولا يقع عليه اسم عدل، ولو لم يفسق إلا من تمحص الشر ولا يعمل شيئا من الخير لما فسق مسلم أبدا، لان توحيده خير وفضل وإحسان وبر، وفي صحة القول بأن فينا عدولا وفساقا بنص القرآن، ورضا وغير رضا، بيان ما قلنا، ولو أخذنا بالتعديل وأسقطنا التجريح لكنا قد كذبنا المجرح وذلك غير جائز، وهكذا القول في الشهادة ولا فرق.