خبر المغيرة في ذلك، ورجع عمر إلى خبر مخبر أخبره عن أملاص المرأة، ولم يكن ذلك عند عمر، وذلك المخبر بينه وبين عمر في العدالة درج، وأيضا فإن كل ما يتخوف من العدل فإنه متخوف من أعدل من في الأرض بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأيضا فلو شهد أبو بكر وحده، ما قبل قبولا لا يوجب الحكم بشهادته، ولو شهد عدلان من عرض الناس قبلا، فلا معنى للأعدل.
وأيضا فإن العدالة إنما هي التزام العدل، والعدل هو القيام بالفرائض واجتناب المحارم والضبط لما روى وأخبر به فقط، ومعنى قولنا فلان أعدل من فلان أي أنه أكثر نوافل في الخبر فقط، وهذه صفة لا مدخل لها في العدالة، إذ لو انفردت من صفة العدالة التي ذكرنا لم يكن فضلا ولا خيرا. فاسم العدالة مستحق دونهما كما هو مستحق معها سواء بسواء ولا فرق، فصح أنه لا يجوز ترجيح رواية على أخرى، ولا ترجيح شهادة على أخرى، بأن أحد الراوين أو أحد الشاهدين أعدل من الآخر، وهذا الذي تحكموا به إنما هو من باب طيب النفس، وطيب النفس باطل لا معنى له، وشهوة لم يأذن بها الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، وإنما هو حق - فسواء طابت النفس عليه أو كرهته - فهو حرام عليها، وهذا من باب اتباع الهوى، وقد حرم الله تعالى ذلك، قال عز وجل: * (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى) * وقال تعالى: * (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله) فمن حكم في دين الله عز وجل بما استحسن وطابت نفسه عليه دون برهان من نص ثابت أو إجماع، فلا أحد أضل منه وبالله تعالى نعوذ من الخذلان.
إلا من جهل ولم تقم عليه حجة، فالخطأ لا ينكر، وهو معذور مأجور ولكن من بلغه البيان وقامت عليه الحجة فتمادى على هواه فهو فاسق عاص لله عز وجل . قال علي: ووجدنا الله تعالى لم يرض في القبول في الشهادة بزنى الأمة إلا أربعة