إلى آخر القصة، فصدق موسى عليه السلام قول المنذر له، وخرج عن وطنه بقوله، وصوب الله تعالى ذلك من فعله، وصدق قول المرأة التي أباها يدعوه فمضى معها، وصدق أباها في قوله إنها ابنته، واستحل نكاحها وجماعها بقوله وحده، وصوب الله ذلك كله، فصح يقينا ما قلنا بأن خبر الواحد ما يضطر إلى تصديقه يقينا. والحمد لله رب العالمين.
قال علي: وقد ذكرنا في الباب الذي قبل هذا وجوب قبول نذارة العدل النافر للتفقه في الدين، فإذا كان الراوي عدلا حافظا لما تفقه فيه، أو ضابطا له بكتابه وجب قبول نذارته، فإن كان كثير الغلط والغفلة غير ضابط بكتابه، فلم يتفقه فيما نفر للتفقه فيه، وإذا لم يتفقه فليس ممن أمرنا بقبول نذارته، ومن جهلنا حاله فلم ندر أفاسق هو أم عدل، وأغافل هو أم حافظ أو ضابط؟ ففرض علينا التوقف عن قبول خبره حتى يصح عندنا فقهه وعدالته وضبطه أو حفظه فيلزمنا حينئذ قبول نذارته، أو تثبت عندنا جرحته، أو قلة حفظه وضبطه فيلزمنا اطراح خبره حدثنا عبد الله بن يوسف بن نامي، ثنا أحمد بن فتح، ثنا عبد الوهاب بن عيسى، ثنا أحمد بن محمد، ثنا أحمد بن علي، ثنا مسلم بن الحجاج، ثنا أبو عامر الأشعري، ثنا أبو أسامة هو حماد بن أسامة، عن بريد بن عبد الله، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا ورعوا، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلا.
(فذلك مثل) من فقه في دين الله بما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به.
وحدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمداني، ثنا إبراهيم بن أحمد البلخي، ثنا الفربري، ثنا البخاري، ثنا محمد بن العلاء، ثنا حماد بن أسامة عن يزيد، فذكره