الامرين فيه، وليس خطؤنا نحن إن أخطأنا، وجهلنا إن جهلنا، حجة على وجوب ضياع دين الله تعالى، بل الحق ثابت معروف عند طائفة وإن جهلته أخرى، والباطل كذلك أيضا، كما يجهل قوم ما نعلمه نحن أيضا، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، ولا يصح الخطأ في خبر الثقة إلا بأحد ثلاثة أوجه: إما تثبت الراوي واعترافه بأنه أخطأ فيه، وإما شهادة عدل على أنه سمع الخبر مع راويه فوهم فيه فلان، وإما بأن توجب المشاهدة بأنه أخطأ.
قال علي: وكذلك نقطع ونبت في كل خبرين صحيحين متعارضين، وكل آيتين متعارضتين، وكل آية وخبر صحيح متعارضين، وكل اثنين متعارضين، لم يأت نص بين بالتناسخ منهما، فإن الحكم الزائد على الحكم المتقدم من معهود الأصل هو الناسخ، وأن الموافق لمعهود الأصل المتقدم، وهو المنسوخ قطعا يقينا للبراهين التي قدمنا من أن الدين محفوظ، فلو جاز أن يخفى فيه ناسخ من منسوخ، أو أن يوجد عموم لا يأتي نص صحيح بتخصيصه، ويكون المراد به الخصوص، لكان الدين غير محفوظ، ولكانت الحجة غير قائمة على أحد في الشريعة، ولكنا متعبدين بالظن الكاذب المحرم، بل بالعمل بما لم يأمر الله تعالى قط به، وهذا باطل مقطوع على بطلانه قال علي: فإن وجد لنا يوما غير هذا فنحن تائبون إلى الله تعالى منه، وهي وهلة نستغفر الله عز وجل منها، وإنا لنرجو ألا يوجد لنا ذلك بمن الله تعالى ولطفه.
صفة من يلزم قبوله نقل الاخبار قال أبو محمد: واستدركنا برهانا في وجوب قبول الخبر الواحد قاطعا، وهو خبر الله تعالى عن موسى عليه السلام إذ جاءه: * (رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملا يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين) فخرج منها خائفا يترقب - إلى قوله تعالى - إن يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا - إلى قوله تعالى - إني أريد أن أنكحك إحدى ابتنى هاتين على أن تأجرني ثماني حجج)