من منع دلالته على المطلوب وذلك لوضوح صدق الورود على الصدور من الشارع وإن اختفى علينا لبعض الأسباب والدواعي ومن الواضح المعلوم أنا نحتمل الصدور في كل شبهة حكمية فلا يمكننا التمسك فيها بالحديث الشريف فإنه من التمسك بالدليل في الشبهة المصداقية (وعليه) فالحديث أجنبي عن البراءة ويكون من أدلة ما اشتهر على الألسن ونسبه الصدوق رحمه الله إلى دين الإمامية من أن الأصل في الأشياء هو الإباحة إلى أن يرد فيه النهي لا الحظر أو الوقف إلى أن يرد فيه الرخصة (وإن اعتمدنا) في الحديث الشريف على ما حكى عن البحار عن الأمالي الأشياء مطلقة ما لم يرد عليك أمر ونهي (فالحق مع الشيخ) ويكون الحديث الشريف من أدلة المطلوب فإن الإطلاق فيه مغيا بالورود على المكلف فما لم يصل إليه امر أو نهي لم يصدق الورود عليه (بل يظهر من الحديث) انه لا يجب الفحص عليه في الشبهات الحكمية فيكون الإطلاق ثابتا إلى أن يصل الحكم إليه بنفسه ولكن لا بد من تقييده بما سيأتي من أدلة الفحص كما ستعرف (هذا وإن شئت التوضيح) بنحو أبسط فنقول إن لنا نزاعين ممتازين كل منهما عن الآخر.
(أحدهما) أن الأصل في الأفعال الغير الضرورية التي لا يدرك العقل حسنها ولا قبحها هل هو الإباحة إلى أن يرد من الشرع الحظر أو الأصل فيها الحظر ولا أقل من الوقف إلى أن يرد فيه الرخصة وهذا هو النزاع المعروف بين القدماء المشتهر بالإباحة والحظر (وقد عرفت) ان الصدوق رحمه الله قد اختار الأول بل جعله من دين الإمامية (ويظهر من الشيخ) في ذيل بيان الدليل العقلي على الاحتياط أن القول بالحظر منسوب إلى طائفة من الإمامية وان الوقف قد ذهب إليه الشيخان أي المفيد والطوسي وان الطوسي رضوان الله عليه قد احتج في العدة على الوقف بكون الإقدام على ما لا يؤمن من المفسدة فيه كالإقدام على ما يعلم فيه المفسدة (كما انه يظهر من الفصول) أن القائلين بالحظر يحتجون بأن فعل ما لم يرد فيه رخصة تصرف في ملك الغير بغير إذنه فيحرم.