فيها (والظاهر) انه لا وجه للاحتمال الثاني فان الموصول فيما لا يعلمون (إما ظاهر) في الفعل بقرينة الأخوات وهي ما استكرهوا عليه وما لا يطيقون وما اضطروا إليه بل الخطأ والنسيان والحسد والطيرة والتفكر في الوسوسة في الخلق فإن كل هذه أفعال للمكلف (أو ظاهر) في العموم الشامل للحكم والفعل جميعا بمقتضي وضعه للعموم لغة فيدور الأمر بين هذين الاحتمالين أي الأول والثالث (وقد أورد الشيخ) أعلى الله مقامه على الاحتمال الثالث بإيرادين (قال) بعد ذكر الحديث الشريف والاستدلال به (ما لفظه) ويمكن ان يورد عليه بان الظاهر من الموصول فيما لا يعلمون بقرينة أخواتها هو الموضوع أعني فعل المكلف الغير المعلوم كالفعل الذي لا يعلم انه شرب الخمر أو شرب الخل وغير ذلك من الشبهات الموضوعية فلا يشمل الحكم الغير المعلوم مع ان تقدير المؤاخذة في الرواية لا يلائم عموم الموصول للموضوع والحكم لأن المقدر المؤاخذة على نفس هذه المذكورات ولا معنى للمؤاخذة على نفس الحرمة المجهولة (انتهى) ويعني بذلك ان المؤاخذة انما تكون على الفعل المحرم لا على نفس الحرمة.
(أقول) والظاهر أن الاحتمال الثالث هو المتعين من بين الاحتمالات إذ لا وجه لرفع اليد عن العموم الثابت للموصول بمقتضي الوضع اللغوي بمجرد كون المراد من الأخوات خصوص الفعل بعد جواز إبقاء الموصول فيما لا يعلمون على عمومه الوضعي واستعماله فيما هو معناه الحقيقي (ودعوى) ان تقدير المؤاخذة في الرواية مما لا يلائم عموم الموصول نظرا إلى انه لا معنى للمؤاخذة على نفس الحكم (مما لا وجه له) فإن التقدير بالنسبة إلى الحكم غير محتاج إليه إذ الحكم بنفسه قابل للرفع ولو بمعنى رفع تنجزه وهو المرتبة الأخيرة منه فترتفع المؤاخذة بتبعه بل بالنسبة إلى ما سوى الحكم أيضا غير محتاج إليه غايته أن إسناد الرفع إليه يكون مجازا بلحاظ المؤاخذة من قبيل إسناد السؤال إلى القرينة مجازا بلحاظ الأهل.