منهم من يسأله ولا يستفهمه، حتى إن كانوا ليحبون أن يجئ الأعرابي والطاري فيسال رسول الله (ص) حتى يسمعوا) (1).
وقد كانت هذه الرواية الشريفة المنطلق الواعي لتدارس الفكر الحديثي وتوالده.
ومما يعد من الفكر الحديثي، ومن بداياته الرائدة ما وضعه الإمام أمير المؤمنين (ع) من مبادئ عامة للتعامل مع المرويات من الأحاديث.
- قال (ع): اعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية، فإن رواة العلم كثيرة، ورعاته قليل.
- وقال (ع): إذا سمعتم من حديثنا ما لا تعرفونه فردوه إلينا، وقفوا عنده، وسلموا، حتى يتبين لكم الحق، ولا تكونوا مذاييع عجلى (2).
وقد يعد في التأليف الحديثي المبكر ما ذكره ابن النديم في (الفهرست ص 308) من أن أبان بن تغلب الكوفي المتوفى سنة 141 ه كان له كتاب بعنوان (الأصول في الرواية على مذهب الشيعة).
ومن الفكر الحديثي الذي يعود إلى هذه الحقبة المتقدمة من الزمن:
ما رواه محمد بن مسلم الطائفي، قال: قلت لأبي عبد الله (ع): اسمع الحديث منك، فأزيد وأنقص قال: إن كنت تريد معانيه فلا بأس.
- ما رواه زرارة، قال: يأتي عنكم الخبران - أو الحديثان - المتعرضان فبأيهما نأخذ؟
قال: خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر.
قلت: فإنهما معا مشهوران.
قال: خذ بأعدلهما عندك، وأوثقهما في نفسك.