أحدهما: التواتر المستحيل وروده بالكذب من غير تواطؤ على ذلك، أو ما يقوم مقامه في الاتفاق.
والثاني: خبر واحد يقترن إليه ما يقوم المتواتر بالبرهان على صحة مخبره، وارتفاع الباطل منه والفساد.
والتواتر الذي وصفناه ما جاءت به الجماعات البالغة في الكثرة والانتشار إلى حد قد منعت العادة من اجتماعهم على الكذب بالاتفاق، كما يتفق الاثنان أن يتواردا بالارجاف.
وهذا حد يعرفه كل من عرف العادات.
وقد يجوز أن ترد جماعة دون من ذكرناه في العدد بخبر يعرف من شاهدهم بروايتهم، ومخارج كلامهم، وما يبدو في ظاهر وجوههم، ويبين من تصورهم أنهم لم يتواطؤوا لتعذر التعارف بينهم والتشاور، فيكون العلم بما ذكرناه من حالهم دليلا على صدقهم ورافعا للإشكال في خبرهم، وإن لم يكونوا في الكثرة على ما قدمناه.
فأما خبر الواحد القاطع للعذر فهو الذي يقترن إليه دليل يفضي بالناظر فيه إلى العلم بصحة مخبره.
وربما كان الدليل حجة من عقل.
وربما كان شاهدا من عرف.
وربما كان إجماعا بغير خلف.
فمتى خلا خبر واحد من دلالة بها على صحة خبره فإنه - كما قدمناه - ليس بحجة، ولا موجب علما، ولا عملا على كل وجه).
ومن بعد أصول المفيد تناول تلميذه الشريف المرتضى (الأخبار) في كتابه (الذريعة إلى أصول الشريعة)، فبحث في هذا الباب الذي عنوان ب (باب الكلام في الأخبار)، وقسمه إلى الفصول التالية:
- فصل في حد الخبر وفهم أحكامه.