وأول من ذكر هذا هو الشيخ الطوسي في (العدة 1 / 386) في معرض كلامه عن ترجيح أحد الروايتين على الآخر، قال: (وإذا كان أحد الراويين مسندا والآخر مرسلا، نظر في حال المرسل، فإن كان ممن يعلم أنه لا يرسل إلا عن ثقة موثوق به، فلا ترجح لخبر غيره على خبره.
ولأجل لك سوت الطائفة بين ما يرويه محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر، وغيرهم من الثقات، الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا ممن يوثق به، وبين ما أسنده غيرهم.
ولذلك عملوا بمرسلهم إذا انفرد عن رواية غيرهم).
ويستفاد من هذا النص:
1 - إن اعتداد المرسل معتبرا لا يقتصر على إرساله من قبل هؤلاء الثلاثة، وإنما يشمل كل ثقة علم أنه لا يرسل إلا عن ثقة.
2 - إن العلماء استفادوا من كلمة (الطائفة) من عبارة (سوت الطائفة) دلالتها على الاجماع.
ومن هنا تكون مسألتنا هذه كسابقتها أعني مسألة روايات أصحاب الاجماع.
ومن المظنون قويا أن الاجماع الذي أومأ إليه الشيخ الطوسي بقوله (سوت الطائفة) هو الاجماع الذي نقله الكشي، وخاصة أن هؤلاء الثلاثة هم من أصحاب - الاجماع - كما تقدم.
وان ذكر هؤلاء الثلاثة بالخصوص في نص الشيخ الطوسي المذكور في أعلاه جاء من باب المثال، وذكر الشاهد.
ويؤيد هذا تعميمه الحكم لكل ثقة علم أنه لا يرسل إلا عن ثقة.
ويترتب على هذا أن المسألتين مسألة واحدة.
ومع القول بتعددهما فالاجماع الذي أشار إليه الشيخ الطوسي ليس هو الاجماع الشرعي التعبدي، وإنما هو اجتماع على الرأي، وذلك لما ذكرناه سالفا