بل هذه هي العمدة في أدلته، وأغلب ما عداه قابل للمناقشة، لبعد تحصيل الاجماع في مثل هذه المسألة مما يمكن أن يكون القول فيه لاجل كونه من الأمور الفطرية الارتكازية، والمنقول منه غير حجة في مثلها ولو قيل بحجيتها في غيرها لوهنه بذلك.
ومنه قد انقدح امكان القدح في دعوى كونه من ضروريات الدين، لاحتمال أن يكون من ضروريات العقل وفطرياته لا من ضرورياته. وكذا القدح في دعوى سيرة المتدينين.
واما الآية فلعدم دلالة آية النفر والسؤال على جوازه، لقوة احتمال أن يكون الارجاع لتحصيل العلم لا الاخذ تعبدا. مع أن المسؤول في آية السؤال هم أهل الكتاب كما هو ظاهرها، أو اهل بيت العصمة الأطهار كما فسر به في الاخبار. نعم لا بأس بدلالة الاخبار عليه بالمطابقة أو الملازمة، حيث دل بعضها على وجوب اتباع قول العلماء، وبعضها على أن للعوام تقليد العلماء، وبعضها على جواز الافتاء مفهوما مثل ما دل على المنع عن الفتوى بغير علم، أو منطوقا مثل ما دل على إظهاره عليه السلام المحبة لأن يرى في أصحابه من يفتي الناس بالحلال والحرام.
لا يقال: إن مجرد إظهار الفتوى للغير لا يدل على جواز أخذه واتباعه.
فإنه يقال: ان الملازمة العرفية بين جواز الافتاء وجواز اتباعه واضحة، وهذا غير وجوب إظهار الحق والواقع حيث لا ملازمة بينه وبين وجوب أخذه تعبدا - فافهم وتأمل.
وهذه الأخبار - على اختلاف مضامينها وتعدد أسانيدها - لا يبعد دعوى القطع بصدور بعضها، فيكون دليلا قاطعا على جواز التقليد وإن لم يكن كل واحد منها بحجة، فيكون مخصصا لما دل على عدم جواز اتباع غير العلم والذم على التقليد