مات، ولا يصغى إلى أن فتوى الأفضل أقرب في نفسه، فإنه لو سلم أنه كذلك إلا أنه ليس بصغرى لما ادعي عقلا من الكبرى، بداهة أن العقل لا يرى تفاوتا بين أن يكون الأقربية في الامارة لنفسها أو لاجل موافقتها لامارة أخرى كما لا يخفى. وأما الكبرى فلان ملاك حجية قول الغير تعبدا ولو على نحو الطريقية، لم يعلم أنه القرب من القطع، فلعله يكون ما هو الأفضل وغيره سيان ولم يكن لزيادة القرب في أحدهما دخل أصلا. نعم لو كان تمام الملاك هو القرب - كما إذا كان حجة بنظر العقل - لتعين الأقرب قطعا فافهم.
فصل اختلفوا في اشتراط الحياة في المفتي، والمعروف بين الأصحاب الاشتراط وبين العامة عدمه، وهو خيرة الأخباريين وبعض المجتهدين من أصحابنا، وربما نقل تفاصيل: منها التفصيل بين البدوي فيشترط والاستمراري فلا يشترط. والمختار ما هو المعروف بين الأصحاب، للشك في جواز تقليد الميت والأصل عدم جوازه.
ولا مخرج عن هذا الأصل الا ما استدل به المجوز على الجواز من وجوه ضعيفة:
(منها) استصحاب جواز تقليده في حال حياته. ولا يذهب عليك أنه لا مجال له لعدم بقاء موضوعه عرفا لعدم بقاء الرأي معه، فإنه متقوم بالحياة بنظر العرف وإن لم يكن كذلك واقعا، حيث أن الموت عند أهله موجب لانعدام الميت ورأيه.
ولا ينافي ذلك صحة استصحاب بعض أحكام حال حياته كطهارته ونجاسته وجواز نظر زوجته إليه، فان ذلك انما يكون فيما لا يتقوم بحياته عرفا بحسبان بقائه ببدنه الباقي بعد موته، وان احتمال أن يكون للحياة دخل في عروضه واقعا. وبقاء الرأي لا بد منه في جواز التقليد قطعا، ولذا لا يجوز التقليد فيما إذا تبدل الرأي أو ارتفع