من الآيات والروايات. قال الله تبارك وتعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم) وقوله تعالى (قالوا انا وجدنا آبائنا على أمة وانا على آثارهم مقتدون)، مع أن احتمال الذم انما كان على تقليدهم للجاهل أو في الأصول الاعتقادية التي لا بد فيها من اليقين.
وأما قياس المسائل الفرعية على الأصول الاعتقادية - في أنه كما لا يجوز التقليد فيها مع الغموض فيها كذلك لا يجوز فيها بالطريق الأولى لسهولتها - فباطل مع أنه مع الفارق، ضرورة أن الأصول الاعتقادية مسائل معدودة، بخلافها فإنها لا تعد ولا تحصى ولا يكاد يتيسر من الاجتهاد فيها فعلا طول العمر الا للأوحدي في كلياتها كما لا يخفى.
فصل إذا علم المقلد اختلاف الاحياء في الفتوى مع اختلافهم في العلم والفقاهة، فلا بد من الرجوع إلى الأفضل إذا احتمل تعينه، للقطع بحجيته والشك في حجية غيره. ولا وجه لرجوعه إلى الغير في تقليده الا على نحو دائر. نعم لا بأس برجوعه إليه إذا استقل عقله بالتساوي وجواز الرجوع إليه أيضا، أو جوز له الأفضل بعد رجوعه إليه.
هذا حال العاجز عن الاجتهاد في تعيين ما هو قضية الأدلة في هذه المسألة، وأما غيره فقد اختلفوا في جواز تقديم المفضول وعدم جوازه: ذهب بعضهم إلى الجواز، والمعروف بين الأصحاب - على ما قيل - عدمه، وهو الأقوى، للأصل وعدم دليل على خلافه.
ولا اطلاق في أدلة التقليد بعض الغض عن نهوضها على مشروعية أصله، لوضوح أنها انما تكون بصدد بيان أصل جواز الاخذ بقول العالم لا في كل حال، من غير تعرض أصلا لصورة معارضته بقول الفاضل، كما هو شأن سائر الطرق والامارات