على نفس المقدمة بما هي. وسيأتي حله إن شاء الله تعالى.
3 - إن الوجوب الغيري لا يكون إلا توصليا، أي لا يكون في حقيقته عباديا ولا يقتضي في نفسه عبادية المقدمة، إذ لا يتحقق فيه قصد الامتثال على نحو الاستقلال كما قلنا في الخاصة الأولى أنه لا إطاعة استقلالية له، بل إنما يؤتى بالمقدمة بقصد التوصل إلى ذيها وإطاعة أمر ذيها، فالمقصود بالامتثال به نفس أمر ذيها.
ومن هنا استشكلوا في عبادية بعض المقدمات كالطهارات الثلاث.
وسيأتي حله إن شاء الله تعالى.
4 - إن الوجوب الغيري تابع لوجوب ذي المقدمة إطلاقا واشتراطا وفعلية وقوة، قضاء لحق التبعية، كما تقدم. ومعنى ذلك: أنه كل ما هو شرط في وجوب ذي المقدمة فهو شرط في وجوب المقدمة، وما ليس بشرط لا يكون شرطا لوجوبها، كما أنه كلما تحقق وجوب ذي المقدمة تحقق معه وجوب المقدمة. وعلى هذا قيل: يستحيل تحقق وجوب فعلي للمقدمة قبل تحقق وجوب ذيها، لاستحالة حصول التابع قبل حصول متبوعه، أو لاستحالة حصول المعلول قبل حصول علته، بناء على أن وجوب المقدمة معلول لوجوب ذيها.
ومن هنا استشكلوا في وجوب المقدمة قبل زمان ذيها في المقدمات المفوتة كوجوب الغسل - مثلا - قبل الفجر لإدراك الصوم على طهارة حين طلوع الفجر، فعدم تحصيل الغسل قبل الفجر يكون مفوتا للواجب في وقته، ولهذا سميت مقدمة مفوتة باعتبار أن تركها قبل الوقت يكون مفوتا للواجب في وقته، فقالوا بوجوبها قبل الوقت مع أن الصوم لا يجب قبل وقته، فكيف تفرض فعلية وجوب مقدمته؟
وسيأتي - إن شاء الله تعالى - حل هذا الإشكال في بحث المقدمات المفوتة.