الآمر للمقدمة هو الذي يكون منبعثا من الشوق إلى ذي المقدمة، لأن الإنسان إذا اشتاق إلى فعل شئ اشتاق بالتبع إلى فعل كل ما يتوقف عليه.
ولكن الشوق إلى فعل الشئ من الغير ليس هو الوجوب وإنما الشوق إلى فعل الغير يدفع الآمر إلى الأمر به إذا لم يحصل ما يمنع من الأمر به، فإذا صدر منه الأمر وهو أهل له انتزع منه الوجوب.
والحاصل: ليس الوجوب الغيري معلولا للوجوب النفسي في ذي المقدمة ولا ينتهي إليه في سلسلة العلل، وإنما ينتهي الوجوب الغيري في سلسلة علله إلى الشوق إلى ذي المقدمة إذا لم يكن هناك مانع لدى الآمر من الأمر بالمقدمة، لأن الشوق - على كل حال - ليس علة تامة إلى فعل ما يشتاق إليه. فتذكر هذا، فإنه سينفعك في وجوب المقدمة المفوتة، وفي أصل وجوب المقدمة، فإنه بهذا البيان سيتضح كيف يمكن فرض وجوب المقدمة المفوتة قبل وجوب ذيها. وبهذا البيان سيتضح أيضا كيف أن المقدمة مطلقا ليست واجبة بالوجوب المولوي.
4 - أن يكون معنى " التبعية " هو ترشح الوجوب الغيري من الوجوب النفسي، ولكن لا بمعنى أنه معلول له، بل بمعنى أن الباعث للوجوب الغيري - على تقدير القول به - هو الواجب النفسي باعتبار أن الأمر بالمقدمة والبعث نحوها إنما هو لغاية التوصل إلى ذيها الواجب وتحصيله، فيكون وجوبها وصلة وطريقا إلى تحصيل ذيها، ولولا أن ذيها كان مرادا للمولى لما أوجب المقدمة. ويشير إلى هذا المعنى من التبعية تعريفهم للواجب الغيري بأنه " ما وجب لواجب آخر " أي لغاية واجب آخر ولغرض تحصيله والتوصل إليه، فيكون الغرض من وجوب المقدمة على تقدير القول به هو تحصيل ذيها الواجب.
وهذا المعنى هو الذي ينبغي أن يكون معنى التبعية المقصودة في