وقيل: إن النهي إذا زالت فعليته من جهة الاضطرار لم يبق مانع من التمسك بعموم الأمر (1).
وهذه غفلة ظاهرة، فإن دليل الأمر بما هو حجة لا يكون شاملا لمورد الاجتماع، لمكان التعارض بين الدليلين وتقديم دليل النهي، فإذا اضطر المكلف إلى فعل المنهي عنه لا يلزم منه أن يعود دليل الأمر حجة في مورد الاجتماع مرة ثانية. وإنما يتصور أن يعود الأمر فعليا إذا كان تقديم النهي من باب التزاحم، فإذا زال التزاحم عاد الأمر فعليا.
وأما الرجحان الذاتي، فإنه بعد فرض التعارض بين الدليلين وتقديم جانب النهي لا يكون الرجحان محرزا في مورد الاجتماع، لأن عدم شمول دليل الأمر بما هو حجة لمورد الاجتماع يحتمل فيه وجهان:
وجود المانع مع بقاء الملاك، وانتفاء المقتضي وهو الملاك، فلا يحرز وجود الملاك حتى يصح قصده متقربا به إلى الله تعالى.
الثاني: أن يكون الاضطرار بسوء الاختيار، كمن دخل منزلا مغصوبا متعمدا، فبادر إلى الخروج تخلصا من استمرار الغصب، فإن هذا التصرف بالمنزل في الخروج لا شك في أنه تصرف غصبي أيضا، وهو مضطر إلى ارتكابه للتخلص من استمرار فعل الحرام، وكان اضطراره إليه بمحض اختياره إذ دخل المنزل غاصبا باختياره.
وتعرف هذه المسألة في لسان المتأخرين بمسألة " التوسط في المغصوب " والكلام يقع فيها من ناحيتين:
1 - في حرمة هذا التصرف الخروجي أو وجوبه.
2 - في صحة الصلاة المأتي بها حال الخروج.