في صدق التجاوز عن الشئ، انما هو التجاوز عن محله الشرعي المقرر له حسب الترتيب المعتبر شرعا بينه وبين غيره، ولا عبرة بالمحل العادي أو العقلي (واما) في الوضوء، فبان مجرد اعتبار الشارع عدم جفاف العضو السابق أو تمام الأعضاء السابقة في صحة غسل العضو اللاحق أو مسحة لو قلنا به ولم نقل برجوع هذه التحديدات إلى عدم فوات الموالاة العرفية، لا يقتضى اعتبار المحل الشرعي لغسل العضو اللاحق أو مسحه بكونه قبل جفاف الرطوبة من العضو السابق، كي بالجفاف المزبور يصدق عنوان التجاوز عن محل الشئ (خصوصا) في مسح الرأس والرجلين، لقوة دعوى كون الامر بإعادة الوضوء في الخبر مع عدم بقاء البلة، لأجل تعذر المسح ببلة الوضوء مع جفاف الأعضاء، لا انه من جهة اشتراطه بعدم جفاف الأعضاء السابقة، فضلا عن اقتضائه لاعتبار المحل الشرعي لمسح الرأس والرجلين بكونه قبل جفاف الأعضاء السابقة، كما يشهد له ظهور قوله (ع) في مرسلة الصدوق، وان نسيت مسح رأسك، فامسح عليه وعلى رجليك من بلة وضوئك إلى قوله (ع) وان لم يبق من بلة وضوئك شئ أعدت الوضوء (وحينئذ) فلا يبقى مجال لاجراء قاعدة التجاوز في مسح الرجل اليسرى عند الشك فيه بصرف كون الشك المزبور في حال جفاف تمام الأعضاء السابقة (نعم) لا بأس بجريان قاعدة الفراغ في الوضوء، وكذا في الغسل عند الشك في الجزء الأخير منهما بعد صدق عنوان الفراغ عن العمل عرفا ولو بمضي زمان طويل أو الدخول في عمل آخر من صلاة ونحوها.
(الامر السادس) يعتبر في جريان قاعدة التجاوز ان يكون المشكوك فيه على تقدير وجوده مما يجزم بكونه مأتيا على وفق امره، بحيث وقع امتثالا لامره (لان) المجعول في قاعدة التجاوز انما هو البناء على وقوع الجزء المشكوك فيه بلحاظ ما يترتب عليه من تحقق الامتثال الموجب لسقوط امره (فلو لم يكن) المشكوك فيه كذلك، بل كان مما يجزم بكونه على تقدير وجوده غير موافق لامره، فلا تجرى فيه القاعدة، لعدم ترتب اثر عملي حينئذ على التعبد بالمضي عليه (فلو علم) اجمالا في حال القيام انه، اما ترك الركوع، أو التشهد، لا تجرى القاعدة في التشهد (لان) وجوده ملازم