بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا إلى معالم دينه بإرشاد رسوله الأمين ونور قلوبنا بضياء كتابه المبين وأتم نعمته علينا بولاية مولانا علي أمير المؤمنين وأولاده المعصومين - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - وعصمنا عن متابعة أهل البدع والأهواء المنحرفين الضالين.
وبعد، لا يخفى على من ألقى السمع وهو شهيد: أن علم الأصول من أشرف العلوم الإسلامية وأنفعها حيث يتعرف به طرق استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، على صعوبة مداركها ودقة مسالكها، وهو العلم الذي ازدوج فيه العقل والسمع، فليست مباحثه عقلية صرفة بحيث لا يتلقاها الشرع بالقبول ولا نقلية محضة لا تؤيدها ولا تسددها العقول، وهو من العلوم المبتكرة للمسلمين، لا يساهمهم في إبداعه وتوسعه غيرهم من الملاحدة الكافرين.
ولقد اعتنى علماؤنا الإمامية بدراسة هذا العلم أكثر مما اعتنى به علماء سائر الفرق، لشدة اهتمامهم بالتفقه ومعرفة الحلال والحرام وتعهدهم والتزامهم العمل بأحكام الإسلام، ولهذا اشتدت عنايتهم عبر القرون والأعصار بالهداية إلى معالمه وإحكام قوانينه وتهذيب أصوله وترتيب فصوله وبيان بدائعه ونقد فرائده، إلى أن أصبح هذا الفن عدة وافية وزبدة شافية.
وناهيك شاهدا - مما ألفوه وصنفوه - هذه الموسوعة المنيفة والجوهرة النفيسة التي صنفها سيد الفقهاء العظام وأستاذ العلماء الأعلام محيي معالم الدين ومشيد