وهذه الرواية دالة على أن هذه الأصول لا يكفي فيها تقليد الناس.
والحق: أن الأولى والأحوط للمكلف، أن يكون جميع ما يعتقده من الأصول والفروع مما يكون معروضا على كلام أئمة الهدى، وخزنة علم الله، وأبواب مدينة العلم صلى الله عليه وآله وسلم، ومستندا إليهم.
روى الكليني رحمه الله في الكافي (1) في الصحيح: " عن أبي بصير، قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ترد علينا أشياء وليس نعرفها في كتاب ولا سنة فننظر فيها؟ فقال: لا، أما إنك إن أصبت لم تؤجر، وإن أخطأت كذبت على الله عز وجل " (2).
فإن الظاهر من كلامهم عليهم السلام: أن المخطئ حينئذ لا يكون معذورا، والمصيب لا مع ذلك غير مؤجر، بل الأولى: أن تكون مقدمات المعارف النظرية مأخوذة من كلامهم. وما سكتوا عنه، أو لم يبلغنا فيه منهم شئ، فالأحوط السكوت فيه. ومن تتبع الأخبار الواردة في ذلك - كالروايات الواردة في النهي عن الكلام، مرة على الاطلاق، ومرة على غير المأخوذ منهم عليهم السلام - حصل له الجزم بذلك. ويفهم من كثير من الروايات والخطب أن أصل التصديق بالله تعالى مما فطر عليه جميع العقول، وأن قلب ذي الجحود مقر بما أنكر (3) بلسانه، بل إن البهائم أيضا لم تبهم عن أربع، أحدها معرفة الرب - وفي بعض الروايات: معرفة الله، بدل: معرفة الرب - قال الله تعالى:
* (أفي الله شك فاطر السماوات والأرض) * الآية (4).
وهذا مذهب النظام، وكثير من المتكلمين (5)، كما نقله في المواقف (6)،