بضرب من الاستدلال الذي يصح فيه اعتراض الشبهات، واختلاف أهل الاسلام، ولا يختص ما قيل قياسا دون ما قيل من جهة اعتبار الظواهر والاستدلال بها، ألا ترى أنهم يقولون: فلان يرى العدل، وفلان يرى القدر (1)، وفلان يرى الارجاء، وفلان يرى القطع على عذاب فساق أهل الصلاة، وإن كان كل ذلك متوصلا إليه بالأدلة الموجبة للعلم. وكذلك يقولون: إن أبا حنيفة يرى الوضوء بالنبيذ (2)، وإن ذلك رأيه، (3) كما يقال: إنه مذهبه، وإن كان لا يرجع في ذلك إلى قياس واجتهاد. ويقال أيضا: إن القضاء بالشاهد واليمين رأي مالك والشافعي، وإن كان مرجعهما فيه إلى الخبر.
وإن الأقراء (4) التي تعتبر في العدة على رأي أبي حنيفة الحيض (5)، وعلى رأي الشافعي وغيره الأطهار: وإن كان رجوع كل واحد منهما في ذلك إلى ضرب من الاستدلال (6) يخالف القياس. فإذا كان معنى الرأي والمستفاد به المذهب والاعتقاد على ما ذكرناه، لم يكن (7)