هؤلاء (1) المجتهدين في أنهم يجدون (2) أنفسهم على اعتقاد ما (3)، وإنما أكذبهم في قولهم (4): إنه ظن، وواقع عن أمارة. والعلم بالفرق بين الاعتقاد (5) المبتدأ، و (6) بين العلم والظن، ليس بضرورة. فكأن (7) القوم سبقوا إلى اعتقادات ليست ظنونا (8) و (9) دخلت عليهم الشبهة، فاعتقدوا أن لها أحكام الظنون، وإن لم تكن (10) كذلك.
على أن هذا يرجع عليهم ممن يدعي من أهل القياس أن على الاحكام أدلة توجب العلم، فيقال لهم: كيف يصح على هؤلاء مع كثرتهم وتدين أكثرهم أن يدعوا أنهم عالمون، ويخبرون عن نفوسهم بسكونها إلى ما علموه؟! وهم - مع ذلك - كاذبون. وهكذا السؤال عليهم في أصول الديانات إذا ادعى المخالفون فيها العلم بمذاهبهم، وسكون نفوسهم، فلا بد لهم في الجواب مما ذكرناه من أن القوم لم يكذبوا في أنهم معتقدون، وإنما غلطوا في نسبة اعتقاداتهم إلى أنها علوم.