تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٩ - الصفحة ١٠٥
قوله تعالى علمت نفس ما أحضرت وقوله تعالى علمت نفس ما قدمت وأخرت فيكون قوله تعالى وبرزت الجحيم عطفا عليه وصيغة الماضي للدلالة على التحقق أو حالا من الانسان باضمار قد أو بدونه على اختلاف الرأيين ولمن يرى مغن عن العائد وقوله تعالى فأما من طغى الخ تفصيلا لحالي الانسان الذي يتذكر ما سعى وتقسيما له بحسب أعماله إلى القسمين المذكورين يسألونك عن الساعة أيان مرساها متى إرساؤها أي اقامتها يردون متى يقيمها الله تعالى ويثبتها ويكونها وقيل أيام منتهاها ومستقرها كما أن مرسى السفينة حيث تنتهي اليه وتستقر فيه وقوله تعالى فيم أنت من ذكراها انكار ورد لسؤال المشركين عنها أي في أي شيء أنت من تذكر لهم وقتها وتعلمهم به حتى يسألونك بيانها كقوله تعالى يسألونك كأنك خفي عنها أي ما أنت من ذكرها لهم وتبيين وقتها في شيء لأن ذلك فرع علمك به وأنى لك ذلك وهو مما استأثر بعلمه علام الغيوب ومن قال بصدد التعليل فان ذكرها لا زيدهم الا غيا فقد نأى عن الحق وقيل فيم انكار لسؤالهم وما بعده من الاستئناف تعليل للانكار وبيان لبطلان السؤال أي فيم هذا السؤال ثم ابتدىء فقيل أنت من ذكراه أي ارسالك وأنت خاتم الأنبياء المبعوث في نسيم الساعة علامة من علاماتها ودليل يدلهم على العلم بوقوعها عن قريب فحسبهم هذه المرتبة من العلم فمعنى قوله تعالى إلى ربك منتهاها على هذا الوجه اليه تعالى يرجع منتهى علمها أي علمها بكنهها وتفاصيل أمرها ووقت وقوعها لا إلى أحد غيره وانما وظيفتهم أن يعلموا باقترابها ومشارفتها وقد حصل لهم ذلك بمبعثك فما معنى سؤالهم عنها بعد ذلك وأما على الوجه الأول فمعناه اليه تعالى انتهاء علمها ليس لأحد منه شيء ما كائنا من كان فلأي شيء يسألونك عنها وقوله تعالى انما أنت منذر من يخشاها على الوجه الأول تقرير لما قبله من قوله تعالى فيم أنت من ذكراها وتحقيق لما هو المراد منه وبيان لوظيفته عليه الصلاة والسلام في ذلك الشأن فان انكار كونه عليه الصلاة والسلام في شيء من ذكراها مما يوهم بظاهره أن ليس له عليه الصلاة والسلام أن يذكرها بوجه من الوجوه فأزيح ذلك ببيان أن المنفي عنه عليه الصلاة والسلام ذكرها لهم بتعيين وقتها حسبما كانوا يسألونه عليه الصلاة والسلام عنها فالمعنى انما أنت منذر من يخشاها وظيفتك الامتثال بما أمرت به من بيان اقترابها وتفصيل ما فيها من فنون الأهوال كما تحيط به خبرا لا تعيين وقتها الذي لم يفوض إليك فما لهم يسألونك عما ليس من وظائفك بيانه وعلى
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة