تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٩ - الصفحة ١١٠
كرام عند الله عز وجل أو متعطفين على المؤمنين يكلمونهم ويستغفرون لهم بررة أتقياء وقيل مطيعين لله تعالى من قولهم فلان يبر خالقه أي يطيعه وقيل صادقين من بر في يمينه قتل الإنسان دعاء عليه بأشنع الدعوات وقوله تعالى ما أكفره تعجب من إفراطه في الكفران وبيان لاستحقاقه للدعاء عليه والمراد به أما من استغنى عن القرآن الكريم الذي ذكرت نعوته الجليلة الموجبة للإقبال عليه والإيمان به وأما الجنس باعتبار انتظامه له ولأمثاله من أفراده لا باعتبار جميع أفراده وفيه مع قصر متنه وتقارب قطرية من الأنباء عن سخط عظيم ومذمة بالغة مالا غاية وراءه وقوله تعالى من أي شئ خلقه شروع في بيان إفراطه في الكفران بتفصيل ما أفاض عليه من مبدأ فطرته إلى منتهى عمره من فنون النعم الموجبة بالشكر والطاعة مع إخلاله بذلك وفي الاستفهام عن مبدأ خلقه ثم بيانه بقوله تعالى من نطفة خلقه تحقير له أي شئ حقير مهين خلقه من نطفة قدرة خلقه فقدره فهيأه لما يصلح له ويليق به من الأعضاء والأشكال أو فقدره أطوارا إلى أن تم خلقه وقوله تعالى ثم السبيل يسره منصوب بمضمر يفسره الظاهر أي ثم سهل مخرجه من البطن بأن فتح فتح فم الرحم وألهمه أن ينتكس أو يسر له سبيل الخير والشر ومكنه من السلوك وتعريف السبيل باللام دون الإضافة للإشعار بعمومه ثم أماته فأقبره أي جعله ذا قبر يوارى فيه تكرمة له ولم يدعه مطروحا على وجه الأرض جرزا للسباع والطير كسائر الحيوان يقال قبر الميت إذا دفنه وأقبره إذا أمر بدفنه أو مكن منه وعد الإماتة من النعم لأنها وصلة في الجملة إلى الحياة الأبدية والنعيم المقيم ثم إذا شاء أنشره أي إذا شاء أنشره وأنشر على القاعدة المستمرة في حذف مفعول المشيئة وفي تعليق الإنشار بمشيئته تعالى إيان بأن وقته غير متعين بل هو تابع لها وقرئ نشره كلا ردع للإنسان
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة