تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٩ - الصفحة ١١٦
وأحتج بهذه الآية وإذا الصحف نشرت أي صحف الأعمال فإنها تطوى عند الموت وتنشر عند الحساب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يحشر الناس عراة حفاة فقالت أم سلمة فكيف بالنساء فقال شغل الناس يا أم سلمة قالت وما شغلهم قال نشر الصحف فيها مثاقيل الذر ومثاقيل الخردل وقيل نشرت أي فرقت بين أصحابها وعن مرثد بن وداعة إذا كان يوم القيامة تطايرت الصحف من تحت العرش فتقع صحيفة المؤمن في يده في جنة عالية وتقع صحيفة الكافر في يده في سموم وحميم أي مكتوب فيها ذلك وهي صحف غير صحف الأعمال وإذا السماء كشطت قطعت وأزيلت كما يكشط الإهاب عن الذبيحة والغطاء عن الشيء المستور به وقرئ قشطت واعتقاب الكاف والقاف غير عزيز كالكافور والقافور وإذا الجحيم سعرت أي أوقدت إيقادا شديدا قيل سعرها غضب الله عز وجل وخطايا بنى آدم وقرئ سعرت بالتخفيف وإذا الجنة أزلفت أي قربت من المتقين كقوله تعالى وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد قيل هذه اثنتا عشرة خصلة ست منها في الدنيا أي فيما بين النفختين وهن من أول السورة إلى قوله تعالى وإذا البحار سجرت على أن المراد بحشر الوحوش جمعها من كل ناحية لا بعثها للقصاص وست في الآخرة أي بعد النفخة الثانية وقوله تعالى علمت نفس ما أحضرت جواب إذا على أن المراد بها زمان واحد ممتد يسع ما في سباقها وسباق ما عطف عليها من الخصال مبدؤه النفخة الأولى ومنتهاه فصل القضاء بين الخلائق لكن لا بمعنى أنها تعلم ما تعلم في كل جزء من اجزاء ذلك الوقت المديد أو عند وقوع داهية من تلك الدواهي بل عند نشر الصحف الإ أنه لما كان بعض تلك الدواهي من مباديه وبعضها من روادفه نسب علمها بذلك إلى زمان وقع كلها تهويلا للخطب وتفظيعا للحال والمراد بما أحضرت أعمالها من الخير والبشر وبحضورها إما حضور صحائفها كما يعرب عنه نشرها وإما حضور أنفسها على ما قالوا من أن الأعمال الظاهرة في هذه النشأة بصورة عرضية تبرز في النشأة الآخرة بصور جوهرية مناسبة له في الحسن والقبح على كيفيات مخصومة وهيئات معينة حتى إن الذنوب والمعاصي تتجسم هناك وتتصور بصورة النار وعلى ذلك حمل قوله تعالى وإن جهنم لمحيطة بالكافرين وقوله تعالى إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وكذا قوله
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة