الوجه الثاني هو تقرير لقوله تعالى أنت من ذكراها ببيان أن ارساله عليه الصلاة والسلام وهو خاتم الأنبياء عليهم السلام منذر بمجيء الساعة كما ينطق به قوله عليه الصلاة والسلام بعثت أنا والساعة كهاتين ان كادت لتسبقني وقرئ منذر بالتنوين وهو الأصل والإضافة تخفيف صالح للحال والاستقبال فإذا أريد الماضي تعينت الإضافة وتخصيص الانذار بمن يخشى مع عموم الدعوة لأنه المنتفع به وقوله تعالى كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا الا عشية أو ضحاها أما تقرير وتأكيد لما ينبئ عنه الإنذار من سرعة مجيء المنذر به لا سيما على الوجه الثاني أي كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا بعد الإنذار بها إلا عشية يوم واحد أو ضحاه فلما ترك اليوم أضيف ضحاه إلى عشيته وإما رد لما أدمجوه في سؤالهم فإنهم كانوا يسألون عنها بطريق الاستبطاء مستعجلين بها وإن كان على نهج الاستهزاء بها ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين فالمعنى كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا بعد الوعيد تحقيقا للانذار وردا لاستبطائهم والجملة على الأول حال من الموصول فإنه على تقديري الإضافة وعدمها مفعول لمنذر كما أن قوله تعالى كأن لم يلبثوا الا ساعة من النهار حال من ضمير المفعول في يحشرهم أي يحشرهم مشبهين بمن لم يلبث في الدنيا الا ساعة خلا أن الشبه هناك في الأحوال الظاهرة من الزي والهيئة وفيما نحن فيه في الاعتقاد كأنه قيل تنذرهم مشبهين يوم يرونها في الاعتقاد بمن لم يلبث بعد الانذار بها الا تلك المدة اليسيرة وعلى الثاني مستأنفة لا محل لها من الاعراب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة النازعات كان ممن حبسه الله عز وجل في القبر والقيامة حتى يدخل الجنة قدر صلاة مكتوبة والله أعلم
(١٠٦)