تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٩ - الصفحة ١٠٣
الاثنين ودحاها وخلق ما فيها يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء وخلق السماوات وما فيهن يوم الخميس ويوم الجمعة وخلق آدم عليه السلام في آخر ساعة منه وهي الساعة التي تقوم فيها القيامة فالأقرب كما قيل تأويل هذه الآية بأن يجعل ذلك إشارة إلى ذكر ما ذكر من بناء السماء ورفع سمكها وتسويتها وغيرها لا إلى أنفسها ويحمل بعدية في الذكر كما هو المعهود في ألسنة العرب والعجم لا في الوجود لما عرفت من أن انتصاب الأرض بمضمر مقدم قد حذف على شريطة التفسير لا بما ذكر بعده ليفيد القصر وتتعين البعدية في الوجود وفائدة تأخيره في الذكر اما التنبيه على أنه قاصر في الدلالة على القدرة القاهرة بالنسبة إلى أحوال السماء واما الاشعار بأنه ادخل في الالزام لما أن المنافع المنوطة بما في الأرض أكثر وتعلق مصالح الناس بذلك اظهر وإحاطتهم بتفاصيل أحواله أكمل وليس ما روي عن الحسن نصا في تأخر دحو الأرض عن خلق السماء فان بسط الأرض معطوف على إصعاد الدخان وخلق السماء بالواو هي بمعزل من الدلالة على الترتيب هذا على تقدير حمل ما ذكر في آيات سورة السجدة من الخلق وما عطف عليه من الأفعال الثلاثة على معانيها الظاهرة وأما إذا حملت على تقديرها فلا دلالة فيها الا على تقدم تقدير الأرض وما فيها على ايجاد السماء كما لا دلالة على الترتيب أصلا إذا حملت كلمة ثم فيها وفيما في سورة البقرة على التراخي في الرتبة وقد سلف تفصيل الكلام في السورة المذكورة وقوله تعالى متاعا لكم ولأنعامكم اما مفعول له أي فعل ذلك تمتيعا لكم ولأنعامكم لأن فائدة ما ذكر من البسط والتمهيد واخراج الماء والمرعى واصلة إليهم والى أنعامهم فان المراد المرعى ما يعم ما يأكله الانسان وغيره بناء على استعارة الرعي لتناول المأكول على الاطلاق كاستعارة المرسن للأنف وقيل مصدر مؤكد لفعله المضمر أي متعكم بذلك متاعا أو مصدر من غير لفظه فان قوله تعالى أخرج منها ماءها ومرعاها في معنى متع بذلك وقوله تعالى فإذا جاءت الطامة الكبرى أي الداهية العظمى التي تطم على سائر الطامات أي تعلوها وتغلبها وهي القيامة أو النفخة الثانية وقيل هي الساعة التي يساق الخلائق إلى محشرهم وقيل التي يساق أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار شروع في بيان أحوال معادهم اثر بيان أحوال معاشهم بقوله تعالى متاعا لكم الخ والفاء للدلالة على ترتب ما بعدها على ما قبلها عما قليل كما يبنى منه لفظ المتاع يوم يتذكر الانسان ما سعى قيل هو بدل من إذا جاءت والأظهر انه منصوب بأعني كما قيل تفسيرا للطامة الكبرى فان الابدال منها بالظرف المحض مما يوهن تعلقها بالجواب ويجوز أن يكون بدلا من الطامة الكبرى مفتوحا لإضافته إلى الفعل على رأي الكوفيين أي يتذكر فيه كل
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة