تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٩ - الصفحة ١٠٨
وقوله تعالى (أو يذكر عطف على يزكى داخل معه في حكم الترجي وقوله تعالى فتنفعه الذكرى بالنصب على جواب لعل وقرئ بالرفع عطفا على يذكر أي أو يتذكر فتنفعه موعظتك ان لم يبلغ درجة التزكي التام وقيل الضمير في لعله للكافر فالمعنى انك طمعت في أن يتزكى أو يذكر فتقربه الذكرى إلى قبول الحق ولذلك توليت عن الأعمى وما يدريك أن ذلك مرجو الوقوع أما من استغنى أي عن الايمان وعما عندك من العلوم والمعارف التي ينطوي عليها القرآن فأنت له تصدى أي تتصدى وتتعرض بالاقبال عليه والاهتمام بارشاده واستصلاحه وفيه مزيد تنفير له عليه الصلاة والسلام عن مصاحبتهم فان الاقبال على المدبر ليس من شيم الكبار وقرئ تصدى بادغام التاء في الصاد وقرئ تصدى بضم التاء أي تعرض ومعناه يدعوك إلى التصدي له داع من الحرص والتهالك على اسلامه وما عليك ان لا يزكى وليس عليك بأس في أن لا يتزكى بالاسلام حتى تهتم بأمره وتعرض عمن اسلم والجملة حال من ضمير تصدى وقيل ما استفهامية للانكار أي أي شيء عليك في أن لا يتزكى ومآله النفي أيضا وأما من جاءك يسعى أي حال كونه مسرعا طالبا لما عندك من أحكام الرشد وخصال الخير وهو يخشى أي الله تعالى وقيل يخشى أذيه الكفار في اتيانك وقيل يخشى الكبوة إذ لم يكن معه قائد والجملة حال من فاعل يسعى كما أنه حال من فاعل جاءك فأنت عنه تلهى تتشاغل يقال لهي عنه والتهى وتلهى وقرئ تتلهى وتلهى أي يلهيك شأن الصناديد في تقديم ضميره عليه الصلاة والسلام على الفعلين تنبيه على أن مناط الانكار خصوصيته عليه الصلاة والسلام أي مثلك خصوصا لا ينبغي أن يتصدى للمستغني ويتلهى الفقير الطالب للخير وتقديم له وعنه للتعريض باهتمامه عليه الصلاة والسلام بمضمونهما روي أنه عليه الصلاة والسلام ما عبس بعد ذلك في وجه فقير قط ولا تصدى لغني كلا
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة