تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٩ - الصفحة ٩٢
بالرفع على الابتداء كتابا مصدر مؤكد لأحصيناه لما أن الإحصاء والكتبة من واد واحد أو لفعله المقدر أو حال بمعنى مكتوبا في اللوح أو في صحف الحفظة والجملة اعتراض وقوله تعالى فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا مسبب عن كفرهم بالحساب وتكذيبهم بالآيات وفي الالتفات المنبئ عن التشديد في التهديد وإيراد لن المفيدة لكون ترك الزيادة من قبيل مالا يدخل تحت الصحة من الدلالة على تبالغ الغضب مالا يخفى وقد روى النبي عليه الصلاة والسلام أن هذه الآية أشد ما في القرآن على أهل النار إن للمتقين مفازا شروع في بيان محاسن أحوال المؤمنين إثر بيان سوء أحوال الكفرة أي أن للذين يتقون الكفر وسائر قبائح اعمال الكفرة فوزا وظفرا بمباغيهم أو موضع فوز وقيل نجاة مما فيه أولئك أو موضع نجاة وقوله تعالى حدائق وأعنابا أي بساتين فيها أنواع الأشجار المثمرة وكروما بدل من مفازا وكواعب أي نساء فلكت ثديهن وهن النواهد أترابا أي لدات وكأسا دهاقا أي مترعة يقال أدهق الحوض أي ملأه لا يسمعون فيها أي في الجنة وقيل في الكأس لغوا ولا كذابا أي لا ينطقون بلغو ولا يكذب بعضا وقرئ كذابا بالتخفيف أي لا يكذبه أو لا يكاذبه جزاء من ربك مصدر مؤكد منصوب بمعنى إن للمتقين مفازا فإنه في قوة أن يقال جازي المتقين بمفاز جزاء كائنا من ربك والتعرض لعنوان الربوبية المنبئة عن التبليغ إلى الكمال شيئا فشيئا مع الإضافة إلى ضميره عليه الصلاة والسلام مزيد تشريف له صلى الله عليه وسلم عطاء أي تفضلا وإحسانا منه تعالى إذ لا يجب عليه شئ وهو بدل من جزاء حساب صفة لعطاء بمعنى كافيا على مصدر أقيم مقام الوصف أو بولغ فيه من أحسبه الشئ إذا كفاه حتى قال حسبي وقيل على حسب أعمالهم وقرئ حسابا بالتشديد على أنه بمعنى المحتسب كالدراك بمعنى المدرك
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة