تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٩٩
أي من تحت أشجارها وإن جعلت عبارة عن مجموع الأرض والأشجار فاعتبار التحتية بالنظر إلى الجزء الظاهر المصحح لإطلاق اسم الجنة على الكل كما مر تفصيله في أوائل سورة البقرة وقوله تعالى «إن الله يفعل ما يريد» تعليل لما قبله وتقرير له بطريق التحقيق أي يفعل البتة كل ما يريده من الافعال المتقنة اللائقة المبنية على الحكم الرائقة التي من جملتها إثابة من آمن به وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقاب من اشرك به وكذب برسول الله صلى الله عليه وسلم ولما كان هذا من آثار نصرته تعالى له صلى الله عليه وسلم عقب بقوله عز وعلا «من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة» تحقيقا لها وتقريرا لثبوتها على أبلغ وجه وآكده وفيه إيجاز بارع واختصار رائع والمعنى أنه تعالى ناصر لرسوله في الدنيا والآخرة لا محالة من غير صارف يلويه ولا عاطف يثنيه فمن كان يغيظه ذلك من أعاديه وحساده ويظن أن لن يفعله تعالى بسبب مدافعته ببعض الأمور ومباشرة ما يرده من المكايد فليبالغ في استفراغ المجهود وليجاوز في الجد كل حد معهود فقصارى أمره وعاقبة مكره أن يختنق حنقا مما يرى من ضلال مساعيه وعدم إنتاج مقدماته ومباديه «فليمدد بسبب إلى السماء» فليمدد حبلا إلى سقف بيته «ثم ليقطع» أي ليختنق من قطع إذا اختنق لأنه يقطع نفسه بحبس مجاريه وقيل ليقطع الحبل بعد الاختناق على أن المراد به فرض القطع وتقديره كما أن المراد بالنظر في قوله تعالى «فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ» تقدير النظر وتصويره أي فليصور في نفسه النظر هل يذهبن كيده ذلك الذي هو أقصى ما انتهت إليه قدرته في باب المضادة والمضارة ما يغيظه من النصرة كلا ويجوز أن يراد فلينظر الآن أنه إن فعل ذلك هل يذهب ما يغيظه وقيل المعنى فليمدد حبلا إلى السماء المظلة وليصعد عليه ثم ليقطع الوحي وقيل ليقطع المسافة حتى يبلغ عنانها فيجتهد في دفع نصره ويأباه أن مساق النظم الكريم بيان أن الأمور المفروضة على تقدير وقوعها وتحققها بمعزل من إذهاب ما يغيظ ومن البين أن لا معنى لفرض وقوع الأمور الممتنعة وترتيب الأمر بالنظر عليه لا سيما قطع الوحي فإن فرض وقوعه مخل بالمرام قطعا وقيل كان قوم من المسلمين لشدة غيظهم وحنقهم على المشركين يستبطئون ما وعد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من النصر وآخرون من المشركين يريدون اتباعه صلى الله عليه وسلم ويخشون أن لا يثبت أمره فنزلت وقد فسر النصر بالرزق فالمعنى أن الرزاق بيد الله تعالى لا تنال إلا بمشيئته تعالى فلا بد للعبد من الرضا بقسمته فمن ظن أن الله تعالى غير رازقه ولم يصبر ولم يستسلم فليبلغ غاية الجزع وهو الاختناق فإن ذلك لا يغلب القسمة ولا يرده مرزوقا «وكذلك» أي مثل ذلك الإنزال البديع المنطوى على الحكم البالغة «أنزلناه» أي القرآن الكريم كله وقوله تعالى «آيات بينات» أي واضحات الدلالة على معانيها الرائقة حال من الضمير المنصوب مبينة لما أشير إليه بذلك «وأن الله يهدي» به ابتداء أو يثبت على الهدى أو يزيد فيه «من يريد» هدايته
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300