ثان ى ن أو حال من ضمير الساعة في الخبر ومعنى نفى الريب عنها انها في ظهور أمرها ووضوح دلائلها التكوينية والتنزيلية بحيث ليس فيها مظنة أن يرتاب في إتيانها حسبما مر في مطلع سورة البقرة والجملة عطف على المجرور بالباء كما قبلها من الجملتين داخلة مثلهما في حيز السببية وكذا قوله عز وجل «وأن الله يبعث من في القبور» لكن لا من حيث إن إتيان الساعة وبعث الموتى مؤثران فيما ذكر من أفاعليه تعالى تأثير القدرة فيها بل من حيث إن كلا منهما سبب داع له عز وجل بموجب رأفته بالعباد المبنية على الحكم البالغة إلى ما ذكر من خلقهم ومن إحياء الأرض الميتة على نمط بديع صالح للاستشهاد به على مكانهما ليتأملوا في ذلك ويستدلوا به على وقوعهما لا محالة ويصدقوا بما ينطق بهما من الوحي المبين وينالوا به السعادة الأبدية ولولا ذلك لما فعل تعالى ما فعل بل لما خلق العالم رأسا وهذا كما ترى من أحكام حقيته تعالى في أفعاله وابتنائها على الحكم الباهرة كما أن ما قبله من أحكام حقيته تعالى في صفاته وكونها في غاية الكمال وقد جعل إتيان الساعة وبعث من في القبور لكونهما من روادف الحكمة كناية عن كونه تعالى حكيما كأنه قيل ذلك بسبب أنه تعالى قادر على إحياء الموتى وعلى كل مقدور وأنه حكيم لا يخلف ميعاده وقد وعد بالساعة والبعث فلا بد أن ينفى بما وعد وأنت خبير بأن مآله الاستدلال بحكمته تعالى على إتيان الساعة والبعث وليس الكلام في ذلك بل إنما هو في سببيتها لما مر من خلق الإنسان وإحياء الأرض فنأمل وكن على الحق المبين وقيل قوله تعالى وأن الساعة آتية ليس معطوفا على المجرور بالياء ولا داخلا في حيز السببية بل هو خبر والمبتدأ محذوف لفهم المعنى والتقدير والامر أن الساعة آتية وأن الثانية معطوفة على الأول وقيل المعنى ذلك لتعلموا بان الله هو الحق الآتين «ومن الناس من يجادل في الله» هو أبو جهل بن هشام حسبما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما وقيل هو من يتصدى لاضلال الناس وإغوائهم كائنا من كان كما أن الأول من يقلدهم على أن الشيطان عبارة عن المضل المغوى على الاطلاق «بغير علم» متعلق بمحذوف وقع حالا من ضمير يجادل أي كائنا بغير علم والمراد بالعلم العلم الضروري كما أن المراد بالهدى في قوله قوله تعالى «ولا هدى» هو الاستدلال والنظر الصحيح الهادي إلى المعرفة «ولا كتاب منير» وحى مظهر للحق أي يجادل في شأنه تعالى من غير تمسك بمقدمة ضرورية ولا بحجة نظرية ولا ببرهان سمعي كما في قوله تعالى ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا وما ليس لهم به علم وأما ما قيل من أن المراد به المجادلة الأول والتكرير للتأكيد والتمهيد لما بعده من بيان أنه لا سند له من استدلال أو وحى فلا يساعده النظم الكريم كيف لا وأن وصفه باتباع كل شيطان موصوف بما ذكر يغنى عن وصفه بالعراء عن الدليل العقلي والسمعى «ثاني عطفه» حال أخرى من فاعل يجادل أي عاطفا لجانبه وطاويا كشحه معرضا متكبرا فإن ثنى العطف كناية عن
(٩٦)