تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٩٥
وقرئ يتوفى مبنيا للفاعل اي يتوفاه الله تعالى «ومنكم من يرد إلى أرذل العمر» وهو الهرم والخوف وقرئ بسكون الميم وإيراد الرد والتوفى على صيغة المبنى للمفعول للجرى على سنن الكبرياء لتعيين الفاعل «لكيلا يعلم من بعد علم» أي علم كثير «شيئا» أي شيئا من الأشياء أو شيئا من العلم مبالغة في انتفاص علمه وانتكاس حاله أي ليعود إلى ما كان عليه في أوان الطفولية من ضعف البنية وسخافة العقل وقلة الفهم فينسى ما علمه وينكر ما عرفه ويعجز عما قدر عليه وفيه من التنبيه على صحة البعث مالا يخفى «وترى الأرض هامدة» حجة أخرى على صحة البعث والخطاب لكل أحد ممن يتأتى منه الرؤية وصيغة المضارع للدلالة على التجدد والاستمرار وهي بصرية وهامدة حال من الأرض أي ميتة يابسة من همدت النار إذا صارت رمادا «فإذا أنزلنا عليها الماء» أي المطر «اهتزت» تحركت بالنبات «وربت» انتفخت وازدادت وقرئ ربأت أي ارتفعت «وأنبتت من كل زوج» أي صنف «بهيج» حسن رائق يسر ناظره «ذلك بأن الله هو الحق» كلام مستأنف جيء به إثر تحقيق حقية البعث وإقامة البرهان عليه من العالمين الإنساني والنباتي لبيان أن ذلك من آثار ألوهيته تعالى وأحكام شؤونه الذاتية والوصفية والفعلية وان ما ينكرون وجوده بل إمكانه من إتيان الساعة والبعث من أسباب تلك الآثار العجيبة التي يشاهدونها في الأنفس والآفاق ومبادى صدورها عنه تعالى وفيه من الإيذن بقوة الدليل وأصله المدلول في التحقيق وإظهار بطلان إنكاره مالا يخفى فإن إنكار تحقق السبب مع الجزم بتحقيق المسبب مما يقضى ببطلانه بديهة العقول والمراد بالحق هو الثابت الذي يحق ثبوته لا محاله لكونه لذاته لا الثابت مطلقا وذلك إشارة إلى ما ذكر من خلق الإنسان على أطوار مختلفة وتصريفه في أحوال متباينة وإحياء الأرض بعد موتها وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد منزلته في الكمال وهو مبتدأ خبره الجار والمجرور اي ذلك الصنع البديع حاصل بسبب أنه تعالى هو الحق وحده في ذاته وصفاته وأفعاله المحقق لما سواه من الأشياء «وأنه يحيي الموتى» أي شأنه وعادته إحياؤها وحاصلة أنه تعالى قادر على إحيائها بدء وإعادة وإلا لما أحيا النطفة والأرض الميتة مرارا بعد مرار وما تفيده صيغة المضارع من التجدد إنما هو باعتبار تعلق القدرة ومتعلقها لا باعتبار نفسها «وأنه على كل شيء قدير» أي مبالغ في القدرة وإلا لما أوجد هذه الموجودات الفائتة للحصر التي من جملتها ما ذكر وأما الاستدلال على ذلك بان قدرته تعالى لذاته الذي نسبته إلى الكل سواء فلما دلت المشاهدة على قدرته على إحياء بعض الأموات لزم اقتداره على إحياء كلها فمنشأه الغفول عما سيق له النظم الكريم من بيان كون الآثار الخاتمة المذكورة من فروع القدرة العامة اللامة ومسبباتها وتخصيص إحياء الموتى بالذكر مع كونه من جملة الأشياء المقدور عليها للتصريح بما فيه النزاع والدفع في نحور المنكرين وتقديمه لإبراز الاعتناء به «وأن الساعة آتية» أي فيما سيأتي وإيثار صيغة الفاعل على الفعل للدلالة على تحقيق إتيانها وتقرره البتة لاقتضاء الحكمة إياه لا محالة وتعليله بأن التغير من مقدمات الإنصرام وطلائعه مبنى على ما ذكر من الغفول وقوله تعالى «لا ريب فيه» إما خبر
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300