الخروج من النار ودنوا منه حسبما يروى أنها تضربهم بلهيبها فترفعهم حتى إذا كانوا في أعلاها ضربوا بالمقامع فهروا فيها سبعين خريفا «من غم» أي من غم شديد من غمومها وهو بدل اشتمال من الهاء بإعادة الجار والرابط محذوف كما أشير إليه أو مفعول له للخروج «أعيدوا فيها» أي في قعرها بأن ردوا من أعاليها إلى أسافلها من غير أن يخرجوا منها «وذوقوا» على تقدير قول معطوف على أعيدوا أي وقيل لهم ذوقوا «عذاب الحريق» أي الغليظ من النار المنتشر العظيم الإهلاك «إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار» بيان لحسن حال المؤمنين إثر بيان سوء حال الكفرة وقد غير الأسلوب فيها بإسناد الإدخال إلى الله عز وجل وتصدير الجملة بحرف التحقيق إيذانا بكمال مباينة حالهم لحال الكفرة وإظهارا لمزيد العناية بأمر المؤمنين ودلالة على تحقق مضمون الكلام «يحلون فيها» على البناء للمفعول بالتشديد من التحلية وقرئ بالتخفيف من الإحلاء بمعنى الإلباس أي يحليهم الملائكة بأمره تعالى وقرئ يحلون من حلية المرأة إذا لبست حليتها ومن في قوله تعالى «من أساور» إما للتبعيض أي بعض أساور وهي جمع أسورة جمع سوار أو للبيان لما أن ذكر التحلية مما ينبئ عن الحلى المبهم وقيل زائدة وقيل نعت لمفعول محذوف ليحلون فإنه بمعنى يلبسون «من ذهب» بيان للأساور «ولؤلؤا» عطف على محل من أساور أو على المفعول المحذوف أو منصوب بفعل مضمر يدل عليه يحلون أي يؤتون وقرئ بالجر عطفا على أساور وقرئ لؤلؤا بقلب الهمزة الثانية واوا ولوليا بقلبها ياء بعد قلبهما واوا وليليا بقلبهما ياء «ولباسهم فيها حرير» غير الأسلوب حيث لم يقل ويلبسون فيها حريرا لكن لا للدلالة على أن الحرير ثيابهم المعتادة أو لمجرد المحافظة على هيئة الفواصل بل للإيذان بأن ثبوت اللباس لهم أمر محقق غنى عن البيان إذ لا يمكن عراؤهم عنه وإنما المحتاج إلى البيان أن لباسهم ماذا بخلاف الأساور واللؤلؤ فإنها ليست من اللوازم الضرورية فجعل بيان تحليتهم بها مقصودا بالذات ولعل هذا هو الباعث لي تقديم بيان التحلية على بيان حال اللباس «وهدوا إلى الطيب من القول» وهو قولهم الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة الآية «وهدوا إلى صراط الحميد» أي المحمود نفسه أو عاقبته وهو الجنة ووجه تأخير هذه الهداية عن ذكر الهداية إلى القول المذكور المتأخر عن دخول الجنة المتأخر عن الهداية إلى طريقها لرعاية الفواصل وقيل المراد بالحميد الحق المستحق لذاته لغاية الحمد وهو الله عز وجل وصراطه الإسلام ووجه التأخير حينئذ أن ذكر الحمد يستدعى ذكر المحمود «إن الذين كفروا
(١٠٢)