الحج والأمر به روى أنه عليه السلام صعد أبا قبيس فقال يا أيها الناس حجوا بيت ربكم فأسمعه الله تعالى من في أصلاب الرجال وأرحام النساء فيما بين المشرق والمغرب ممن سبق في علمه تعالى أن يحج وقيل الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك في حجة الوداع ويأباه كون السورة مكية «يأتوك» جواب للأمر «رجالا» أي مشاة جمع راجل كقيام جمع قائم وقرئ بضم الراء وتخفيف الجيم وتشديده ورجالي كعجالي «وعلى كل ضامر» عطف على رجالا أي وركبانا على كل بعير مهزول أتعبه بعد الشقة فهزله أو زاد هزاله «يأتين» صفة لضامر محمولة على المعنى وقرئ يأتون على انه صفة للرجال والركبان أو استئناف فيكون الضمير للناس «من كل فج» طريق واسع «عميق» بعيد وقرئ معيق يقال بئر بعيدة العمق وبعيدة المعق بمعنى كالجذب والجبذ «ليشهدوا» متعلق بيأتوك لا بأذن أي ليحضروا «منافع» عظيمة الخطر كثيرة العدد أو نوعا من المنافع الدينية والدنيوية المختصة بهذه العبادة واللام في قوله تعالى «لهم» متعلق بمحذوف هو صفة لمنافع أي منافع كائنة لهم «ويذكروا اسم الله» عند إعداد الهدايا والضحايا وذبحها وفي جعله غاية للإتيان إيذان بأنه الغاية القصوى دون غيره وقيل هو كناية عن الذبح لأنه لا ينفك عنه «في أيام معلومات» هي أيام النحر كما ينبئ عنه قوله تعالى «على ما رزقهم من بهيمة الأنعام» فإن المراد بالذكر ما وقع عند الذبح وقيل هي عشر ذي الحجة وقد علق الفعل بالمرزوق وبين بالبهيمة تحريضا على التقرب وتنبيها على الذكر «فكلوا منها» التفات إلى الخطاب والفاء فصيحة عاطفة لمدخولها على مقدر قد حذف للإشعار بأنه أمر محقق غير محتاج إلى التصريح به كما في قوله تعالى فانفجرت أي فاذكروا اسم الله على ضحاياكم فكلوا من لحومها والأمر للإباحة وإزاحة ما كانت عليه أهل الجاهلية من التحرج فيه أو للندب إلى مواساة الفقراء ومساواتهم «وأطعموا البائس» أي الذي أصابه بؤس وشدة «الفقير» المحتاج وهذا الأمر للوجوب وقد قيل به في الأول أيضا «ثم ليقضوا تفثهم» أي ليؤذوا إزالة وسخهم أو ليحكموها بقص الشارب والأظفار ونتف الإبط والاستحداد عند الإحلال «وليوفوا نذورهم» ما ينذرون من البر في حجهم وقيل مواجب الحج وقرئ بفتح الواو وتشديد الفاء «وليطوفوا» طواف الركن الذي به يتم التحلل فإنه قرينة فضاء التفث وقيل طواف الوداع «بالبيت العتيق» أي القديم فإنه أول بيت وضع للناس أو المعتق من تسلط الجبابرة فكأين من جبار سار إليه ليهدمه فقصمه الله عز وجل وأما الحجاج الثقفي فإنما قصد إخراج ابن الزبير رضي الله عنهما منه لا التسلط عليه «ذلك» أي الأمر ذلك وهذا وأمثاله
(١٠٤)