إرضاعه من طفلها الذي ألقمته ثديها والتعبير عنه بما دون من لتأكيد الذهول وكونه بحيث لا يخطر ببالها أنه ماذا لا أنها تعرف شيئيته لكن لا تدري من هو بخصوصه وقيل ما مصدرية أي تذهل عن إرضاعها والأول أدل على شدة الهول وكمال الإنزعاج وقرئ تذهل من الإذهال مبنيا للمفعول أو مبنيا للفاعل مع نصب كل أي تذهلها الزلزلة «وتضع كل ذات حمل حملها» أي تلقى جنيها لغير تمام كما أن المرضعة تذهل عن ولدها لغير فطام وهذا ظاهر على قول علقمة والشعبي وأما على ما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما فقد قيل إنه تمثيل لتهويل الأمر وفيه أن الامر حينئذ أشد من ذلك وأعظم وأهول مما وصف وأطم وقيل إن ذلك يكون عند النفخة الثانية فإنهم يقومون على ما صعقوا في النفخة الأولى فتقوم المرضعة على إرضاعها والحامل على حملها ولا ريب في ان قيام الناس من قبورهم بعد النفخة الثانية لا قبلها حتى يتصور ما ذكر «وترى الناس» بفتح التاء والراء على خطاب كل أحد من المخاطبين برؤية الزلزلة والاختلاف بالجمعية والإفراد لما أن المرئي في الأول هي الزلزلة التي يشاهدها الجميع وفي الثاني حال من عدا المخاطب منهم فلا بد من إفراد المخاطب على وجه يعم كل واحد منهم لكن من غير اعتبار اتصافه بتلك الحالة فإن المراد بيان تأثير الزلزلة في المرئي لا في الرائي باختلاف مشاعره لان مداره حيثية رؤيته للزلزلة لا لغيرها كأنه قيل ويصير الناس سكارى الخ وإنما أوثر عليه ما في التنزيل للإيذان بكمال ظهور تلك الحالة فيهم وبلوغها من الجلاء إلى حد لا يكاد يخفى على أحد أي يراهم كل أحد «سكارى» أي كأنهم سكارى «وما هم بسكارى» حقيقة «ولكن عذاب الله شديد» فيرهقهم هوله ويطير عقولهم ويسلب تمييزهم فهو الذي جعلهم كما وصفوا وقرئ ترى بضم التاء وفتح وقرىء برفع الناس على إسناد الفعل المجهول إليه والتأنيث على تأويل الجماعة وقرئ ترى بضم التاء وكسر الراء أي ترى الزلزلة الخلق جميع الناس سكارى وقرئ سكرى وسكرى كعطشى وجوعي إجراء للسكر مجرى العلل «ومن الناس» كلام مبتدأ جيء به إثر بيان عظيم شأن الساعة المنبئة عن البعث بيانا لحال بعض المنكرين لها ومحل الجار الرفع على الابتداء إما بحمله على المعنى أو بتقدير ما يتعلق به كما مر مرارا أي وبعض الناس أو وبعض كائن من الناس «من يجادل في الله» أي في شأنه تعالى ويقول فيه مالا خير فيه من الأباطيل وقوله تعالى «بغير علم» حال من ضمير يجادل موضحة لما يشعر بها المجادلة من الجهل أي ملابسا بغير علم روى أنها نزلت في النضر بن الحرث وكان جدلا يقول الملائكة بنات الله والقرآن أساطير الأولين ولا بعث بعد الموت وهي عامة له ولأضرابه من العتاة المتمردين «ويتبع» أي فيما يتعاطاه من المجادلة أو في كل ما يأتي وما يذر من الأمور الباطلة التي من جملتها ذلك «كل شيطان مريد» عات متمرد متجرد للفساد وأصله العرى المنبىء عن التمحض له كالتشمر ولعله مأخوذ من تجرد المصارعين عند المصارعة قال الزجاج المريد والمارد المرتفع الأملس والمراد إما رؤساء الكفرة الذين يدعون من دونهم إلى الكفر وإما إبليس وجنوده
(٩٢)