تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٨٧
للعبدة لعدم الإلباس وكذا في قوله تعالى «وهم فيها لا يسمعون» أي لا يسمع بعضهم زفير بعض لشدة الهول وفظاعة العذاب وقيل لا يسمعون ما يسرهم من الكلام «إن الذين سبقت لهم منا الحسنى» شروع في بيان حال المؤمنين إثر شرح حال الكفرة حسبما جرت به سنة التنزيل من شفع الوعد بالوعيد وإيراد الترغيب مع الترهيب أي سبقت لهم منا في التقدير الخصلة الحسنى التي هي أحسن الخصال وهي السعادة وقبل التوفيق للطاعة أو سبقت لهم كلمتنا بالبشرى بالثواب على الطاعة وهو الأدخل الأظهر في الحمل عليها لما أن الأولين مع خفائهما ليسا من مقدورات المكلفين فالجملة مع ما بعدها تفصيل لما أجمل في قوله تعالى فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون كما أن ما قبلها من قوله تعالى إنكم وما تعبدون الخ تفصيل لما أجمل في قوله تعالى وحرام الخ «أولئك» إشارة إلى الموصول باعتبار اتصافه بما في حيز الصلة وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو درجتهم وبعد منزلتهم في الشرف والفضل أي أولئك المنعوتون بما ذكر من النعت الجميل «عنها» أي عن جهنم «مبعدون» لأنهم في الجنة وشتان بينها وبين النار وما روى أن عليا رضي الله عنه خطب يوما فقرأ هذه الآية ثم قال أنا منهم وأبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح رضوان الله تعالى عنهم أجمعين ثم أقيمت الصلاة فقام يجر رداءه ويقول «لا يسمعون حسيسها» ليس بنص في كون الموصول عبارة عن طائفة مخصوصة والحسيس صوت يحس به أي لا يسمعون صوتها سمعا ضعيفا كما هو المعهود عند كون المصوت بعيدا وإن كان صوته في غاية الشدة لا أنهم لا يسمعون صوتها الخفي في نفسه فقط والجملة بدل من مبعدون أو حال ن ضميره مسوقة للمبالغة في إنقاذهم منها وقوله تعالى «وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون» بيان لفوزهم بالمطالب إثر بيان خلاصهم من المهالك والمعاطب أي دائمون في غاية التنعم وتقديم الظرف للقصر والاهتمام به وقوله تعالى «لا يحزنهم الفزع الأكبر» بيان لنجاتهم من الإفزاع بالكلية بعد بيان نجاتهم من النار لأنهم إذا لم يحزنهم أكبر الأفزاع لا يحزنهم ما عداه بالضرورة عن الحسن رضي الله عنه أنه الانصراف إلى النار وعن الضحاك حتى يطبق على النار وقيل حين يذبح الموت في صورة كبش أملح وقيل النفخة الأخيرة لقوله تعالى ففزع من في السماوات ومن في الأرض وليس بذاك فإن الآمن من ذلك الفزع من استثناه الله تعالى بقوله إلا من شاء الله لا جميع المؤمنين الموصوفين بالأعمال الصالحة على أن الأكثرين على أن ذلك في النفخة الأولى دون الأخيرة كما سيأتي في سورة النمل «وتتلقاهم الملائكة» أي تستقبلهم مهنئين لهم «هذا يومكم» على إرادة القول أي قائلين هذا اليوم يومكم «الذي كنتم توعدون» في الدنيا وتبشرون بما فيه من فنون المثوبات على الإيمان والطاعات وهذا كما ترى صريح في أن المراد بالذين
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300