تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٥٤
الغفلة أمرا جبليا لهم جعل الخبر الأول ظرفا منبئا عن الاستقرار بخلاف الإعراض والجملة حال من الناس وقد جوز كون الظرف حالا من المستكن في معرضون «ما يأتيهم من ذكر» من طائفة نازلة من القرآن تذكرهم ذلك أكمل تذكير وتنبههم عن الغفلة أتم تنبيه كأنها نفس الذكر ومن في قوله تعالى «من ربهم» لابتداء الغاية مجازا متعلقة بيأتيهم أو بمحذوف هو صفة لذكر وأياما كان ففيه دلالة على فضله وشرفه وكمال شناعة ما فعلوا به والتعرض لعنوان الربوبية لتشديد التشنيع «محدث» بالجر صفة لذكر وقرئ بالرفع حملا على محله أي محدث تنزيله بحسب اقتضاء الحكمة وقوله تعالى «إلا استمعوه» استثناء مفرغ محله النصب على أنه حال من مفعول يأتيهم بإضمار قد أو بدونه على الخلاف المشهور وقوله تعالى «وهم يلعبون» حال من فاعل استمعوه وقوله تعالى «لاهية قلوبهم» إما حال أخرى منه أومن واو يلعبون والمعنى ما يأتيهم ذكر من ربهم محدث في حال من الأحوال إلا حال استماعهم إياه لاعبين مستهزئين به لاهين عنه أو لاعبين به حال كون قلوبهم لاهية عنه لتناهي غفلتهم وفرط إعراضهم عن النظر في الأمور والتفكر في العواقب وقرئ لاهية بالفرع على أنه خبر بعد خبر «وأسروا النجوى» كلام مستأنف مسوق لبيان جناياتهم خاصة إثر حكاية جناياتهم المعتادة والنجوى اسم من التناجي ومعنى إسرارها مع أنها لا تكون إلا سرا أنهم بالغوا في إخفائها أو أسروا نفس التناجي بحيث لم يشعر أحد بأنهم متناجون وقوله تعالى «الذين ظلموا» بدل من واو أسروا منبىء عن كونهم موصوفين بالظلم الفاحش فيما أسروا به أو هو مبتدأ خبره أسروا النجوى قدم عليه اهتماما به والمعنى هم أسروا النجوى فوضع الموصول موضع الضمير تسجيلا على فعلهم بكونه ظلما أو منصوب على الذم وقوله تعالى «هل هذا إلا بشر مثلكم» الخ في حيز النصب على أنه مفعول لقول مضمر هو جواب عن سؤال نشأ عما قبله كأنه قيل ماذا قالوا في نجواهم فقيل قالوا هل هذا الخ أو بدل من أسروا أو معطوف عليه أو على أنه بدل من النجوى أي أسروا هذا الحديث وهل بمعنى النفي والهمزة في قوله تعالى «أفتأتون السحر» للانكار والفاء للعطب على مقدر يقتضيه المقام وقوله تعالى «وأنتم تبصرون» حال من فاعل تأتون مقررة للانكار ومؤكدة للاستبعاد والمعنى ما هذا إلا بشر مثلكم أي من جنسكم وما أتى به سحر أتعلمون ذلك فتأتونه وتحضرونه على وجه الاذعان والقبول وأنتم تعاينون أنه سحر قالوه بناء على ما ارتكز في اعتقادهم الزائغ أن الرسول لا يكون إلا ملكا وأن كل ما يظهر على يد البشر من الخوارق من قبيل السحر وزل عنهم أن ارسال البشر إلى عامة البشر هو الذي تقتضيه الحكمة التشريعية قاتلهم الله أنى يؤفكون وإنما أسروا ذلك لأنه كان على طريق توثيق العهد وترتيب مبادى الشر والفساد وتمهيد مقدمات المكر والكيد في هدم أمر النبوة وإطفاء نور الدين والله
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300