رواية عطاء وعليه أكثر المفسرين ابن السماوات كانت رتقا مستوية صلبة لا تمطر والأرض رتقا لا تنبت ففتق السماء بالمطر والأرض بالنبات فيكون المراد بالسموات السماء الدنيا والجمع باعتبار الآفاق أو السماوات جميعا على ان لها مدخلا في الأمطار وعلم الكفرة الرتق والفتق بهذا المعنى مما لا سترة به وأما بالمعاني الأول فهم وإن لم يعلموهما لكنهم متمكنون من علمها إما بطريق النظر والتفكير فغن الفتق عارض مفترق إلى مؤثر قديم وإما بالاستفسار من العلماء ومطالعة الكتب «وجعلنا من الماء كل شيء حي» أي خلقنا من الماء كل حيوان كقوله تعالى والله خلق كل دابة من ماء وذلك لأنه من أعظم مواده أو لفرط احتياجه إليه وانتفاعه به أو صيرنا كل شئ حي من الماء أي بسبب منه لا بد له من ذلك وتقديم المفعول الثاني للاهتمام به لا لمجرد أن المفعولين في الأصل مبتدأ وخبر وحق الخبر عند كونه ظرفا أن يتقدم على المبتدأ فإن ذلك مصحح محض لامر جح وقرئ حيا على أنه صفة كل أو مفعول ثان والظرف كما في الوجه الأول قدم على المفعول للاهتمام به والتشوق إلى المؤخر «أفلا يؤمنون» إنكار لعدم إيمانهم بالله وحده مع ظهور ما يوجبه حتما من الآيات الآفاقية والأنفسية الدالة على تفرده عز وجل بالألوهية وعلى كون ما سواه من مخلوقاته مقهورة تحت ملكوته وقدرته والفاء للعطف على مقدر يستدعيه الانكار السابق اى أيعلمون ذلك فلا يؤمنون «وجعلنا في الأرض رواسي» أي جبالا ثوابت جمع راسية من رسا الشئ 31 إذا ثبت ورسخ ووصف جمع المذكر يجمع المؤنث في غير العقلاء مما لا ريب في صحته كقوله تعالى أشهر معلومات وأياما معدودات «أن تميد بهم» أي كراهة أن تتحرك وتضطرب بهم أو لئلا تميد بهم بحذف اللام ولا لعدم الالباس «وجعلنا فيها» أي في الأرض وتكرير الفعل لاختلاف المجعولين ولتوفية مقام الامتنان حقه أو في الرواسي لأنها المحتاجة إلى الطرق «فجاجا» مسالك واسعة وإنما قدم على قوله تعالى «سبلا» وهو وصف له ليصير حالا فيفيد انه تعالى حين خلقها كذلك أو ليبدل منها سبلا فيدل ضمنا على أنه تعالى خلقها ووسعها للسابلة مع ما فيه من التوكيد «لعلهم يهتدون» أي إلى مصالحهم ومهماتهم «وجعلنا السماء سقفا محفوظا» من الوقوع بقدرتنا القاهرة أو الفساد والانحلال إلى الوقت المعلوم 32 بمشيئتنا أو من استراق السمع بالشهب «وهم عن آياتها» الدالة على وحدانيته تعالى وعلمه وحكمته وقدرته وإرادته التي بعضها محسوس وبعضها معلوم بالبحث عنه في علمي الطبيعة والهيئة «معرضون» لا يتدبرون فيها فيبقون على ما هم عليه من الكفر والضلال وقوله تعالى «وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس» 33 القمر اللذين هما آيتاهما بيان لبعض تلك الآيات التي هم عنها معرضون بطريق الالتفات الموجب
(٦٥)