في نفسه أجل ما يتنافس فيه المتنافسون مأمون الغائلة بخلاف ما منحوه «وأبقى» فإنه لا يكاد ينقطع نفسه أو أثره أبدا كما عليه زهرة الدينا «وأمر أهلك بالصلاة» أمر صلى الله عليه وسلم بأن يأمر أهل بيته أو التابعين له من أمته بالصلاة بعد ما أمر هو بها ليتعاونوا على الاستعانة على خصاصتهم ولا يهتموا بأمر المعيشة ولا يلتفتوا لفت أرباب الثروة «واصطبر عليها» وثابر عليها غير غير مشتغل بأمر المعاش «لا نسألك رزقا» أي لا نكلفك أن ترزق نفسك ولا أهلك «نحن نرزقك» وإياهم ففرغ بالك بأمر الآخرة «والعاقبة» الحميدة «للتقوى» أي لأهل التقوى على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه تنبيها على أن ملاك الأمر هو التقوى روى أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أصاب أهله ضر أمرهم بالصلاة وتلا هذه الآية «وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه» حكاية لبعض أقاويلهم الباطلة التي أمر صلى الله عليه وسلم بالصبر عليها أي هلا يأتينا بآية تدل على صدقه في دعوى النبوة أو أية مما اقترحوها بلغوا من المكابرة والعناد إلى حيث لم يعدوا ما شاهدوا من المعجزات التي تخر لها صم الجبال من قبيل الآيات حتى اجترءوا على التفوه بهذه العظيمة الشنعاء وقوله تعالى «أو لم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى» أي التوراة والإنجيل وسائر الكتب السماوية رد من جهته عز وعلا لمقالتهم القبيحة وتكذيب لهم دسوا تحتها من إنكار إتيان الآية بإتيان القرآن الكريم الذي هو أم الآيات وأس المعجزات وأعظمها فيما وأبقاها لأن حقيقة المعجزة اختصاص مدعى النبوة بنوع من الأمور الخارقة للعادات أي أمر كان ولا ريب في أن العلم أجل الأمور وأعلاها إذ هو أصل الأعمال ومبدأ الأفعال ولقد ظهر مع حيازته لجميع علوم الأولين والآخرين على يد أمي لم يمارس شيئا من العلوم ولم يدارس أحدا من أهلها أصلا فأي معجزة تراد بعد وروده وأي آية ترام مع وجوده وفي إيراده بعنوان كونه بينة لما في الصحف الأولى من التوراة والإنجيل وسائر الكتب السماوية أي شاهدا بحقية ما فيها من العقائد الحقة وأصول الأحكام التي أجمعت عليها كافة الرسل وبصحة ما تنطق به من أنباء الأمم من حيث إنه غنى بإعجازه عما يشهد بحقيته حقيق بإثبات حقية غيره مالا يخفى من تنويه شأنه وإنارة برهانه ومزيد تقرير وتحقيق لإتيانه وإسناد الإتيان إليه مع جعلهم إياه مأتيا به للتنبيه على أصالته فيه مع ما فيه من المناسبة للبينة والهمزة لإنكار الوقوع والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام كأنه قيل ألم تأتهم سائر الآيات ولم تأتهم خاصة بينة ما في الصحف الأولى تقريرا لإتيانه وإيذانا بأنه من الوضوح بحيث لا يتأتى منهم إنكاره أصلا وإن اجترءوا على إنكار سائر الآيات مكابرة وعنادا وقرئ أو لم يأتهم بالياء التحتانية وقرئ الصحف بالسكون تخفيفا وقوله تعالى «ولو أنا
(٥١)