تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٥٧
فيقولون ما يقولون وقرئ يوحي إليهم بالياء على صيغة المبنى للمفعول جريا على سنن الكبرياء وإيذانا بتعين الفاعل وقوله تعالى «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون» تلوين للخطاب وتوجيه له إلى الكفرة لتبكيتهم واستنزالهم عن رتبة الاستبعاد والنكير إثر تحقيق الحق على طريقة الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه الحقيق بالخطاب في أمثال تلك الحقائق الأنيقة وأما الوقوف عليها بالاستخبار من الغير فهو من وظائف العوام والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها وجواب الشرط محذوف ثقة بدلالة المذكور عليه أي إن كنتم لا تعلمون ما ذكر فاسألوا أيها الجهلة أهل الكتاب الواقفين على أحوال الرسل السالفة عليهم الصلوات لنزول شبهتكم أمروا بذلك لأن إخبار الجم الغفير يوجب العلم لا سيما وهم كانوا يشايعون المشركين في عداوته عليه السلام ويشاورونهم في أمره عليه السلام ففيه من الدلالة على كمال وضوح الأمر وقوة شأن النبي صلى الله عليه وسلم ما لا يخفى «وما جعلناهم جسدا» بيان لكون الرسل عليهم السلام أسوة لسائر أفراد الجنس في أحكام الطبيعة البشرية إثر بيان كونهم أسوة لهم في نفس البشرية والجسد جسم الإنسان والجن والملائكة ونصبه إما على أنه مفعول ثان للجعل لكن لا بمعنى جعله جسدا بعد أن لم يكن كذلك كما هو المشهور من معنى التصبير بل بمعنى جعله كذلك ابتداء على طريقة قولهم سبحان من صغر البعوض وكبر الفيل كما مر في قوله تعالى وجعلنا آية النهار مبصرة وإما حال من الضمير والجعل إبداعي وإفراده لإرادة الجنس المنتظم للكثير أيضا وقيل بتقدير المضاف أي ذوي جسد وقوله تعالى «لا يأكلون الطعام» صفة له أي وما جعلناهم جسدا مستغنيا عن الأكل والشرب بل محتاجا إلى ذلك لتحصيل بدل ما يتحلل منه (وما كانوا خالدين) لأن مال التحلل هو الفناء لا محالة وفي إيثار ما كانوا على ما جعلناهم تنبيه على أن عدم الخلود مقتضى جبلتهم التي أشير إليها بقوله تعالى وما جعلنا هم الخ لا بالجعل المستأنف والمراد بالخلود إما المكث المديد كما هو شأن الملائكة أو الا بدية وهم معتقدون أنهم لا يموتون والمعنى جعلناهم أجسادا متغذية صائرة إلى الموت بالآخرة على حسب آجالهم لا ملائكة ولا أجسادا مستغنية عن الأغذية مصونة عن التحلل كالملائكة فلم يكن لها خلود كخلودهم فالجملة مقررة لما قيلها من كون الرسل السالفة عليهم السلام بشرا لا ملكا مع ما في ذلك من الرد على قولهم ما لهذا الرسول يأكل الطعام وقوله تعالى «ثم صدقناهم الوعد» عطف على ما يفهم من حكاية وحيه تعالى إليهم على الاستمرار النجددي كأنه قيل أوحينا إليهم ما أوحينا ثم صدقناهم في الوعد الذي وعدناهم في تضاعيف الوحي بإهلاك أعدائهم «فأنجيناهم ومن نشاء» من المؤمنين وغيرهم ممن تستدعي الحكمة إبقاءه كمن سيؤمن هو أو بعض فروعه بالآخرة وهو السر في حماية العرب من عذاب الاستئصال «وأهلكنا المسرفين» أي المجاوزين للحدود في الكفر والمعاصي
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300