تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٥٩
والنوازل أو تنفقدون إذا رئيت مساكنكم خالية وتسألون أين أصحابها أو يسألكم الوافدون نوالكم على أنهم كانوا أسخياء ينفقون أموالهم رياء وبخلاء فقيل لهم ذلك تهكما إلى تهكم «قالوا» لما يئسوا من الخلاص بالهرب وأيقنوا بنزول العذاب «يا ويلنا» أي هلاكنا «إنا كنا ظالمين» أي مستوجبين للعذاب وهو اعتراف منهم بالظلم وباستتباعه للعذاب وندم عليه حين لم ينفعهم ذلك «فما زالت تلك دعواهم» أي فما زالوا يرددون تلك الكلمة وتسميتها دعوى أي دعوة لأن المدلول كأنه يدعوا الويل قائلا يا ويل تعال فهذا أوانك «حتى جعلناهم حصيدا» أي مثل الحصيد وهو المحصود من الزرع والنبت ولذلك لم يجمع «خامدين» أي ميتين من خمدت النار إذا طفئت وهو مع حصيدا في حيز المفعول الثاني للجعل كقولك جعلته حلوا حامضا والمعنى جعلنا هم جامعين لمماثلة الحصيد والخمود أو حال من الضمير المنصوب في جعلناهم أو من المستكن في حصيدا أو صفة لحصيدا لتعدده معنى لأنه في حكم جعلناهم أمثال حصيد «وما خلقنا السماء والأرض» إشارة إجمالية إلى أن تكوين العالم وإبداع بني آدم مؤسس على قواعد الحكم البالغة المستتبعة للغايات الجليلة وتنبيه على أن ما حكى من العذاب الهائل والعقاب النازل بأهل القرى من مقتضيات تلك الحكم ومتفرعاتها حسب اقتضاء أعمالهم إياه وأن للمخاطبين المقتدرين بآثارهم ذنوبا مثل ذنوبهم أي ما خلقناهما «وما بينهما» من المخلوقات التي لا تحصى أجناسها وأفرادها ولا تحصر أنواعها وآحادها على هذا النمط البديع والأسلوب المنيع خالية عن الحكم والمصالح وإنما عبر عن ذلك باللعب واللهو حيث قيل «لاعبين» لبيان كمال تنزهه تعالى عن الخلق الخالي عن الحكمة بتصويره بصورة مالا يرتاب أحد في استحالة صدوره عنه سبحانه بل إنما خلقناهما وما بينهما لتكون مبدأ لوجود الإنسان وسببا لمعاشه ودليلا يقوده إلى تحصيل معرفتنا التي هي الغاية القصوى بواسطة طاعتنا وعبادتنا كما ينطق به قوله تعالى وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا وقوله تعالى وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون وقوله تعالى «لو أردنا أن نتخذ لهوا» استئناف مقرر لما قبله من انتفاء اللعب واللهو أي لو أردنا أن نتخذ ما يتلهى به ويلعب «لاتخذناه من لدنا» أي من جهة قدرتنا أو من عندنا مما يليق بشأننا من المجردات لا من الأجسام المرفوعة والأجرام الموضوعة كديدن الجبابرة في رفع العروش وتحسينها وتسوية الفروش وتزيينها لكن يستحيل إرادتنا له لما فاته الحكمة فيستحيل إتخاذنا له قطعا وقوله تعالى «إن كنا فاعلين» جرا به محذوف ثقة بدلالة ما قبله عليه اي إن كنا فاعلين لاتخذناه وقيل إن نافية أي ما كنا فاعلين أي لاتخاذ اللهو لعدم إرادتنا إياه فيكون بيانا
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300