إلى المفعول أو لأنها بمعنى التبيين والمفعول محذوف وأيا ما كان فالفاعل هو الجملة بمضمونها ومعناها وضمير لهم للمشركين المعاصرين لرسوله الله صلى الله عليه وسلم والمعنى أغفلوا فلم يفعل الهداية لهم أو فلم يبين لهم مآل أمرهم كثرة أهلا كنا للقرون الأولى وقد مر في قوله عز وجل أو لم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها الآية وقيل الفاعل الضمير العائد إلى الله عز وجل ويؤيده القراءة بنون العظمة وقوله تعالى كم أهلكنا الخ إما معلق للفعل ساد مسد مفعوله أو مفسر لمفعوله المحذوف هكذا قيل والأوجه أن لا يلاحظ له مفعول كأنه قيل أفلم يفعل الله تعالى لهم الهداية ثم قيل بطريق الالتفات كم أهلكنا الخ بيانا لتلك الهداية ومن القرون في محل النصب على أنه وصف لمميزكم أي كم قرنا كائنا من القرون وقوله تعالى «يمشون في مساكنهم» حال من القرون أو من مفعول أهلكنا أي أهلكناهم وهم في حال أمن وتقلب في ديارهم أو من الضمير في لهم مؤكد للإنكار والعامل يهد والمعنى أفلم يهد لهم إهلاكنا للقرون السالفة من أصحاب الحجر وثمود وقريات قوم لوط حال كونهم ماشين في مساكنهم إذا سافروا إلى الشام مشاهدين لآثار هلاكهم مع أن ذلك مما يوجب أن يهتدوا إلى الحق فيعتبروا لئلا يحل بهم مثل ما حل بأولئك وقرئ يمشون على البناء للمفعول أي يمكنون من المشي «إن في ذلك» تعليل للإنكار وتقرير للهداية مع عدم اهتدائهم وذلك إشارة إلى مضمون قوله تعالى كم أهلكنا ألخ وما فيه من معنى البعد للإشعار ببعد منزلته وعلو شأنه في بابه «لآيات» كثيرة عظيمة واضحات الهداية ظاهرات الدلالة على الحق فإذن هو هادوا إيما هاد ويجوز أن تكون كلمة في تجريدية فافهم «لأولي النهى» لذوي العقول الناهية عن القبائح التي من أقبحها ما يتعاطاه كفار مكة من الكفر بآيات الله تعالى والتعامى عنها وغير ذلك من فنون المعاصي وفيه دلالة على أن مضمون الجملة هو الفاعل لا المفعول وقوله تعالى «ولولا كلمة سبقت من ربك» كلام مستأنف سيق لبيان حكمة عدم وقوع ما يشعر به قوله تعالى أفلم يهد لهم الآية من أن يصيبهم مثل ما أصاب القرون المهلكة أي ولولا الكلمة السابقة وهي العدة بتأخير عذاب هذه الأمة إلى الآخرة لحكمة تقتضيه ومصلحة تستدعيه «لكان» عقاب جناياتهم «لزاما» أي لازما لهؤلاء الكفرة بحيث لا يتأخر عن جناياتهم ساعة لزوم ما نزل بأولئك العابرين وفي التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره عليه السلام تلويح بان ذلك لتأخير لتشريفه عليه السلام كما ينبئ عنه قوله تعالى وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم واللزام إما مصدر لازم وصف به مبالغة وإما فعال بمعنى مفعل جعل آلة اللزوم لفرط لزومه كما يقال لزاز خصم «وأجل مسمى» عطف على كلمة أي ولولا أجل مسمى لأعمارهم أو لعذابهم وهو يوم القيامة ويوم بدر لما تأخر عذابهم أصلا وفصله عما عطف عليه للمسارعة إلى بيان جواب لولا وللإشعار باستقلال كل منهما بنفي لزوم العذاب ومراعاة فواصل الآي الكريمة وقد جوز عطفه على المستكن في كان العائد إلى الأخذ العاجل المفهوم من السياق تنزيلا للفصل بالخبر منزلة التأكيد اي لكان الأخذ العاجل وأجل مسمى لازمين لهم كدأب عاد وثمود
(٤٩)