تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٤٩
إلى المفعول أو لأنها بمعنى التبيين والمفعول محذوف وأيا ما كان فالفاعل هو الجملة بمضمونها ومعناها وضمير لهم للمشركين المعاصرين لرسوله الله صلى الله عليه وسلم والمعنى أغفلوا فلم يفعل الهداية لهم أو فلم يبين لهم مآل أمرهم كثرة أهلا كنا للقرون الأولى وقد مر في قوله عز وجل أو لم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها الآية وقيل الفاعل الضمير العائد إلى الله عز وجل ويؤيده القراءة بنون العظمة وقوله تعالى كم أهلكنا الخ إما معلق للفعل ساد مسد مفعوله أو مفسر لمفعوله المحذوف هكذا قيل والأوجه أن لا يلاحظ له مفعول كأنه قيل أفلم يفعل الله تعالى لهم الهداية ثم قيل بطريق الالتفات كم أهلكنا الخ بيانا لتلك الهداية ومن القرون في محل النصب على أنه وصف لمميزكم أي كم قرنا كائنا من القرون وقوله تعالى «يمشون في مساكنهم» حال من القرون أو من مفعول أهلكنا أي أهلكناهم وهم في حال أمن وتقلب في ديارهم أو من الضمير في لهم مؤكد للإنكار والعامل يهد والمعنى أفلم يهد لهم إهلاكنا للقرون السالفة من أصحاب الحجر وثمود وقريات قوم لوط حال كونهم ماشين في مساكنهم إذا سافروا إلى الشام مشاهدين لآثار هلاكهم مع أن ذلك مما يوجب أن يهتدوا إلى الحق فيعتبروا لئلا يحل بهم مثل ما حل بأولئك وقرئ يمشون على البناء للمفعول أي يمكنون من المشي «إن في ذلك» تعليل للإنكار وتقرير للهداية مع عدم اهتدائهم وذلك إشارة إلى مضمون قوله تعالى كم أهلكنا ألخ وما فيه من معنى البعد للإشعار ببعد منزلته وعلو شأنه في بابه «لآيات» كثيرة عظيمة واضحات الهداية ظاهرات الدلالة على الحق فإذن هو هادوا إيما هاد ويجوز أن تكون كلمة في تجريدية فافهم «لأولي النهى» لذوي العقول الناهية عن القبائح التي من أقبحها ما يتعاطاه كفار مكة من الكفر بآيات الله تعالى والتعامى عنها وغير ذلك من فنون المعاصي وفيه دلالة على أن مضمون الجملة هو الفاعل لا المفعول وقوله تعالى «ولولا كلمة سبقت من ربك» كلام مستأنف سيق لبيان حكمة عدم وقوع ما يشعر به قوله تعالى أفلم يهد لهم الآية من أن يصيبهم مثل ما أصاب القرون المهلكة أي ولولا الكلمة السابقة وهي العدة بتأخير عذاب هذه الأمة إلى الآخرة لحكمة تقتضيه ومصلحة تستدعيه «لكان» عقاب جناياتهم «لزاما» أي لازما لهؤلاء الكفرة بحيث لا يتأخر عن جناياتهم ساعة لزوم ما نزل بأولئك العابرين وفي التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره عليه السلام تلويح بان ذلك لتأخير لتشريفه عليه السلام كما ينبئ عنه قوله تعالى وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم واللزام إما مصدر لازم وصف به مبالغة وإما فعال بمعنى مفعل جعل آلة اللزوم لفرط لزومه كما يقال لزاز خصم «وأجل مسمى» عطف على كلمة أي ولولا أجل مسمى لأعمارهم أو لعذابهم وهو يوم القيامة ويوم بدر لما تأخر عذابهم أصلا وفصله عما عطف عليه للمسارعة إلى بيان جواب لولا وللإشعار باستقلال كل منهما بنفي لزوم العذاب ومراعاة فواصل الآي الكريمة وقد جوز عطفه على المستكن في كان العائد إلى الأخذ العاجل المفهوم من السياق تنزيلا للفصل بالخبر منزلة التأكيد اي لكان الأخذ العاجل وأجل مسمى لازمين لهم كدأب عاد وثمود
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300