تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٢٨٧
وكيفيتي قدرتهما على الإتيان به من كمال التباين أو لإسقاط الأول عن درجة الاعتبار قيل هو آصف بن برخيا وزير سليمان عليه السلام وقيل رجل كان عنده اسم الله الأعظم الذي إذا سئل به أجاب وقيل الخضر أو جبريل أو ملك أيده الله عز وجل به عليهم السلام وقيل هو سليمان نفسه عليه السلام وفيه بعد لا يخفى والمراد بالكتاب الجنس المنتظم لجميع الكتب المنزلة أو اللوح وتنكير علم للتفخيم والرمز إلى أنه علم غير معهود ومن ابتدائية «أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك» الطرف تحريك الأجفان وفتحها للنظر إلى شيء وارتداده انضمامها ولكونه أمرا طبيعيا غير منوط بالقصد أوثر الارتداد على الرد ولما لم يكن بين هذا الوعد وإنجازه مدة ما كما في وعد العفريت استغنى عن التأكيد وطوى عند الحكاية ذكر الإتيان به للإيذان بأنه أمر متحقق غني عن الإخبار به وجئ بالفاء الفصيحة لا داخلة على جملة معطوفة على جملة مقدرة دالة على تحققه فقط كما في قوله عز وجل فقلنا اضرب بعصاك البحر فانفلق ونظائره بل داخلة على الشرطية حيث قيل «فلما رآه مستقرا عنده» أي رأى العرش حاضرا لديه كما في قوله عز وجل فلما رأينه أكبرنه للدلالة على كمال ظهور ما ذكر من تحققه واستغنائه عن الإخبار به ببيان ظهور ما يترتب عليه من رؤية سليمان عليه السلام إياه واستغنائه أيضا عن التصريح به إذ التقدير فأتاه به فرآه فلما رآه الخ فحذف ما حذف لما ذكرو للإيذان بكمال سرعة الإتيان به كأنه لم يقع بين الوعد به وبين رؤيته عليه الصلاة والسلام إياه شيء ما أصلا وفي تقييد رؤيته باستقراره عنده عليه الصلاة والسلام تأكيد لهذا المعنى لإيهامه أنه لم يتوسط بينهما ابتداء الإتيان أيضا كأنه لم يزل موجودا عنده مع ما فيه من الدلالة على دوام قراره عنده منتظما في سلك ملكه «قال» أي سليمان عليه السلام تلقيا للنعمة بالشكر جريا على سنن أبناء جنسه من أنبياء الله تعالى عليهم الصلاة والسلام وخلص عباده «هذا» أي حضور العرش بين يديه في هذه المدة القصيرة أو التمكن من إحضاره بالواسطة أو بالذات كما قيل «من فضل ربي» أي تفضله على من غير استحقاق له من قبلي «ليبلوني أأشكر» بأن أراه محض فضله تعالى من غير حول من جهتي ولا قوة وأقوم بحقه «أم أكفر» بأن أجد لنفسي مدخلا في البين أو أقصر في إقامة مواجبه كما هو شأن سائر النعم الفائضة على العباد «ومن شكر فإنما يشكر لنفسه» لأنه يرتبط به عتيدها ويستجلب به مزيدها ويحط به عن ذمته عبء الواجب ويتخلص عن وصمة الكفران «ومن كفر» أي لم يشكر «فإن ربي غني» عن شكره «كريم» بترك تعجيل العقوبة والإنعام مع عدم الشكر أيضا «قال» أي سليمان عليه السلام كررت الحكاية مع كون المحكي سابقا ولاحقا من كلامه عليه الصلاة والسلام تنبيها على ما بين السابق واللاحق من المخالفة لما أن الأول من باب الشكر لله تعالى والثاني أمر لخدمه «نكروا لها عرشها» أي غيروا هيئته بوجه من الوجوه «ننظر» بالجزم على أنه جواب الأمر وقرئ بالرفع على الاستئناف «أتهتدي» إلى معرفته أو إلى الجواب اللائق بالمقام وقيل إلى الإيمان بالله تعالى ورسوله عند رؤيتها لتقدم عرشها عرشها من مسافة طويلة في مدة قليلة وقد خلفته مغلقة عليه الأبواب موكلة عليه الحراس والحجاب
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300