تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٢٨٨
ويأباه تعليق النظر المتعلق بالاهتداء بالتنكير فإن ذلك مما لا دخل فيه للتنكير «أم تكون» أي بالنسبة إلى علمنا «من الذين لا يهتدون» أي إلى ما ذكر من معرفة عرشها أو الجواب الصواب فإن كونها في نفس الأمر منهم وإن كان أمرا مستمرا لكن كونها منهم عند سليمان عليه السلام وقومه أمر حادث يظهر بالاختبار «فلما جاءت» شروع في حكاية التجربة التي قصدها سليمان عليه السلام أي فلما جاءت بلقيس سليمان عليه السلام وقد كان العرش بين يديه «قيل» أي من جهة سليمان عليه السلام بالذات أو بالواسطة «أهكذا عرشك» لم يقل أهذا عرشك لئلا يكون تلقينا لها فيفوت ما هو المقصود من الأمر بالتنكير من إبراز العرش في معرض الإشكال والاشتباه حتى يتبين حالها وقد ذكرت عنده عليه الصلاة والسلام بسخافة العقل «قالت كأنه هو» فأنبأت عن كمال رجاحة عقلها حيث لم تقل هو هو مع علمها بحقيقة الحال تلويحا بما اعتراه بالتنكير من نوع مغايرة في الصفات مع اتحاد الذات ومراعاة لحسن الأدب في محاورته عليه الصلاة والسلام «وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين» من تتمة كلامها كأنها ظنت أنه عليه الصلاة والسلام أراد بذلك اختبار عقلها وإظهار معجزة لها فقالت أوتينا العلم بكمال قدرة الله تعالى وصحة نبوتك من قبل هذه المعجزة التي شاهدناها بما سمعناه من المنذر من الآيات الدالة على ذلك وكنا مسلمين من ذلك الوقت وفيه من الدلالة على كمال رزانة رأيها ورصانة فكرها ما لا يخفى وقوله تعالى «وصدها ما كانت تعبد من دون الله» بيان من جهته تعالى لما كان يمنعها من إظهار ما ادعته من الإسلام إلى الآن أي صدها عن ذلك عبادتها القديمة للشمس وقوله تعالى «إنها كانت من قوم كافرين» تعليل لسببية عبادتها المذكورة للصد أي إنها كانت من قوم راسخين في الكفر ولذلك لم تكن قادرة على إظهار إسلامها وهي بين ظهرانيهم إلى أن دخلت تحت ملكة سليمان عليه السلام وقرئ أنها بالفتح على البدلية من فاعل صد أو على التعليل بحذف اللام هذا وأما ما قيل من أن قوله تعالى وأوتينا العلم إلى قوله تعالى من قوم كافرين من كلام سليمان عليه السلام وملئه كأنهم لما سمعوا قولها كأنه هو تفطنوا لإسلامها فقالوا استحسانا لشأنها أصابت في الجواب وعلمت قدرة الله تعالى وصحة النبوة بما سمعت من المنذر من الآيات المتقدمة وبما عاينت من هذه الآية الباهرة من أمر عرشها ورزقت الإسلام فعطفوا على ذلك قولهم وأوتينا العلم الخ أي وأوتينا نحن العلم بالله تعالى وبقرته وبصحة ما جاء من عنده قبل علمها ولم نزل على دين الإسلام شكرا لله تعالى على فضلهم عليها وسبقهم إلى العلم بالله تعالى والإسلام قبلها وصدها عن التقدم إلى الإسلام عبادة الشمس ونشؤها بين ظهراني الكفرة فمما لا يخف ما فيه من البعد والتعسف
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300