بما هو المقصود وحمل قوله تعالى فدمرناهم على معنى فحكمنا بتدميرهم مع كونه تعسفا ظاهرا مما لا وجه له إذ لا فائدة يعتد بها في حكاية الحكم بتدمير قد وقع وانقضى والتعرض في مطلع القصة لإيتاء الكتاب مع أنه كان بعد مهلك القوم ولم يكن له مدخل في هلاكهم كسائر الأيات للإيذان من أول الأمر ببلوغه صلى الله عليه وسلم غاية الكمال ونيله نهاية الآمال التي هي إنجاء بني إسرائيل من ملكه فرعون وإرشادهم إلى الطريق الحق صلى الله عليه وسلم غاية الكمال ونيله نهاية بما في التوراة من الأحكام إذا به يحصل تأكيد الوعد بالهداية على الوجه الذي مر بيانه وقرئ فدمرتهم وفدمراهم وفدمراهم على التأكيد بالنون الثقيلة «وقوم نوح» منصوب بمضمر يدل عليه قوله تعالى فدمرناهم أي ودمرنا قوم نوح وقيل عطف على مفعول فدمرناهم وليس من ضرورة ترتيب تدميرهم على ما قبله ترتب تدمير هؤلاء عليه لا سيما وقد بين سببه بقوله تعالى «لما كذبوا الرسل» أي نوحا ومن قبله من الرسل أو نوحا وحده لأن تكذيبه تكذيب للكل لا تفاقهم على التوحيد والإسلام وقيل هو منصوب بمضمر يفسره قوله تعالى «أغرقناهم» وإنما يتسنى ذلك على تقدير كون كلمه لما ظرف زمان وأما على تقدير كونها حرف وجود لوجود فلا لأنه حينئذ جواب لها وجواب لما لا يفسر ما قبله مع أنه مخل بعطف المنصوبات الآتية على قوم نوح لما أن إهلاكهم ليس بالإغراق فالوجه ما نقدم وقوله تعالى أغرقناهم استئناف مبين لكيفية تدميرهم (وجعلناهم) أي جعلنا إغراقهم أو قصتهم (للناس آية) أي آية عظيمة يعتبر بها كل من شاهدها أو سمعها وهي مفعول ثان لجعلنا وللناس ظرف لغو له أو متعلق محذوف وق حالا من آية إذ لو تأخر عنها لكان صفة لها (وأعتدنا للظالمين) أي لهم والإظهار في موقع الإضمار للإبذان بتجاوزهم الحد في الكفر والتكذيب (عذابا أليما) هو عذاب الآخرة لا فائدة في الإخبار بإعتاد العذاب الذي قد أخبر بوقوعه من قبل أو لجميع الظالمين الباقين الذين لم يعتبروا بما جرى عليهم من العذاب فيدخل في زمرتهم قريش دخولا أوليا ويحتمل العذاب الدنيوي الأخروى (وعادا) عطف على قوم نوح وقيل على المفعول الأول لجعلناهم وقيل على الظالمين إذ هو في معنى وعدنا الظالمين وكلاهما بعيد ( وثمود) الكلام فيه وفيما بعده كما فيما قبله وقرئ وثمودا على تأويل الحي أنه الأب الأقصى (وأصحاب الرس) هم قوم يعبدون الأصنام فبعث الله تعالى إليهم شعيبا عليه السلام فكذبوه فبينما هم حول الرس وهي البئر التي لم تطو بعد إذ انهارت فخسف بهم وبديارهم وقيل الرس قرية بفلج اليمامة كان فيها بقايا ثمود فبعث إليهم نبي فقتلوه فهلكوا أو قيل هو الأخدود وقيل بئر بأنطاكية قتلوا فيها حبيبا النجار وقيل هم أصحاب حنظلة بن صفوان النبي صلى الله عليه وسلم ابتلاهم الله بطير عظيم كان فيها من كل لون وسموها عنقاء لطول عنقها وكانت تسكن جبلهم الذي يقال له فتخ أو دمخ فتنقض على صبيانهم فتخطفهم إن أعوزها الصيد
(٢١٨)