تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٢٢١
والأفعال وبيان ما لهم من المصير والمال وتنبيه على أن ذلك من الغرابة بحيث يجب أن يرى ويتعجب منه وإلهه مفعول ثان لأتخذ قدم على الأول للاعتناء به لأنه الذي يدور عليه أمر التعجب ومن توهم أنهما على الترتيب بناء على تساويهما في التعريف فقد زل منه أن المفعول الثاني في هذا الباب هو المتلبس بالحالة الحادثة أي أرأيت من جعل هواه إلها لنفسه من غير أن يلاحظ وبنى عليه أمر دينه معرضا عن استماع الحجة الباهرة البرهان النير بالكلية على معنى انظر إليه وتعجب منه وقوله تعالى «أفأنت تكون عليه وكيلا» إنكار واستبعاد لكونه صلى الله عليه وسلم حفيظا عليه يزجره عما هو عليه من الضلال ويرشده إلى الحق طوعا أو كرها والفاء لترتيب الإنكار على ما قبله من الحالة الموجبة له كأنه قيل أبعد ما شاهدت غلوه في طاعة الهوى وعتوه عن اتباع الهدى تقسره على الإيمان شاء أو أبى وقوله تعالى «أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون» إضراب وانتقال عن الإنكار المذكور إلى إنكار حسبانه صلى الله عليه وسلم لهم ممن يسمع أو يعقل حسبما ينبئ عنه جده صلى الله عليه وسلم في الدعوة واهتمامه بالإرشاد والتذكير لكن لا على أنه لا يقع كالأول بل على أنه لا ينبغي أن يقع أي بل أتحسب أن أكثرهم يسمعون ما تتلوا عليهم من الآيات حتى السماع أو يعقلون ما في تضاعيفها من المواعظ الزاجرة عن القبائح الداعية إلى المحاسن فتعتني بشأنهم وتطمع في إيمانهم وضمير أكثرهم لمن وجمعه باعتبار معناها كما أن الإفراد في الضمائر الأول باعتبار لفظها وضمير الفعلين لأكثر لا لما أضيف هو إليه وقوله تعالى «إن هم إلا كالأنعام» الخ جملة مستأنفة مسوقة لتقرير النكير وتأكيده وحسم مادة الحسبان بالمرة أي ما هم في عدم الانتفاع بما يقرع آذانهم من قوارع الآيات وانتفاء التدبر فيما يشاهدونه من الدلائل والمعجزات إلا كالبهائم التي هي مثل في الغفلة وعلم في الضلالة «بل هم أضل» منها «سبيلا» لما أنها تنقاد لصاحبها الذي يعلفها ويتعهدها وتعرف من يحسن إليها ممن يسيء إليها وتطلب ما ينفعها وتجتنب ما يضرها وتهتدي لمراعيها ومشاربها وتأوى إلى معاطنها وهؤلاء لا ينقادون لربهم وخالقهم ورازقهم ولا يعرفون إحسانهم إليهم من إساءة الشيطان الذي هو أعدى عدوهم ولا يطلبون الثواب الذي هو أعظم المنافع ولا يتقون العقاب الذي هو أشد المضار والمهالك ولا يهتدون للحق الذي هو المشرع الهنى والمورد العذب الروى ولأنها إن لم تعتقد حقا مستتبعا لاكتساب الخير لم تعتقد باطلا مستوجبا لاقتراف الشر بخلاف هؤلاء حيث مهدوا قواعد الباطل وفرعوا عليها أحكام الشرور ولأن أحكام جهالتها وضلالتها مقصورة على أنفسها لا تتعدى إلى أحد وجهالة هؤلاء مؤدية إلى ثوران الفتني والفساد وصد الناس عن سنين السداد وهيجان الهرج والمرج فيما بين العباد ولأنها غير معطلة لقوة من القوى المودعة بل صارفة لها إلى ما خلقت هي له فلا تقصير من قبلها في طلب الكمال وأما هؤلاء فهم معطلون لقواهم العقلية مضيعون للفطرة الأصلية التي فطر الناس عليها مستحقون بذلك أعظم العقاب وأشد النكال
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300