«ويوم تشقق السماء» اي تتفتح واصله تتشقق فحذفت إحدى التاءين كما في تلظى وقرئ بإدغام التاء في الشين «بالغمام» بسبب طلوع الغمام منها وهو الغمام الذي ذكر في قوله تعالى هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة قيل هو غمام أبيض رقيق مثل الضبابة لم يكن إلا لبني إسرائيل «ونزل الملائكة تنزيلا» أي تنزيلا عجيبا غير معهود قيل تنشق سماء سماء وينزل الملائكة خلال ذلك الغمام بصحائف أعمال العباد وقرئ ونزلت الملائكة وننزل على صيغة المتكلم من الإنزال والتنزيل ونزل الملائكة وأنزل الملائكة ونزل الملائكة على حذف النون الذي هو فاء الفعل من تنزل «الملك يومئذ الحق للرحمن» اي السلطنة القاهرة والاستيلاء الكلى العام الثابت صورة ومعنى ظاهرا وباطنا بحيث لا زوال له أصلا ثابت للرحمن يؤمئذ فالملك مبتدأ والحق صفته وللرحمن خبرة ويومئذ ظرف لثبوت الخبر للمبتدأ وفائدة التقييد أن ثبوت الملك المذكور له تعالى خاصة يومئذ وأما فيما عداه من أيام الدنيا فيكون لغيره أيضا تصرف صوري في الجملة وقيل الملك مبتدأ والحق خبره وللرحمن متعلق بالحق أو بمحذوف على التبيين أو بمحذوف هو صفة للحق ويومئذ معمول للملك وقيل الخبر يومئذ والحق نعت للملك وللرحمن على ما ذكر وأيا ما كان فالجملة بمعناها عاملة في الظرف أي ينفرد الله تعالى بالملك يوم تشقق وقيل الظرف منصوب بما ذكر فالجملة حينئذ استئناف مسوق لبيان أحواله وأهواله وإيراده تعالى بعنوان الرحمانية للإيذان بأن اتصافه تعالى بغاية الرحمة لا يهون الخطب على الكفرة لعدم استحقاقهم للرحمة كما في قوله تعالى يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم والمعنى أن الملك الحقيقي يومئذ للرحمن «وكان» ذلك اليوم مع كون الملك فيه لله تعالى المبالغ في الرحمة لعباده «يوما على الكافرين عسيرا» شديدا لهم وتقديم الجار والمجرور لمراعاة الفواصل وأما للمؤمنين فيكون يسيرا بفضل الله تعالى وقد جاء في الحديث انه يهون يوم القيامة على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا والجملة اعتراض تذييلي مقرر لما قبله «ويوم يعض الظالم على يديه» عض اليدين والأنامل وأكل البنان وحرق الأسنان ونحوها كنايات عن الغيظ والحسرة لأنها من رواد فهما والمراد بالظالم إما عقبة بن أبي معيط على ما قيل من أنه كان يكثر مجالسة النبي صلى الله عليه وسلم فدعاه صلى الله عليه وسلم يوما إلى ضيافته فأبى صلى الله عليه وسلم أن يأكل من طعامه حتى ينطق بالشهادتين ففعل وكان أبي بن خلف صديقه فعاتبه فقال صبأت فقال لا ولكن أبى أن يأكل من طعامي وهو في بيتي فاستحييت منه فشهدت له فقال إني لا أرضى منك إلا ان تأتيه فتطأ قفاه وتبزق في وجهه فوجده ساجدا في دار الندوة ففعل ذلك فقال صلى الله عليه وسلم لا ألقاك خارجا من مكة إلا علوت رأسك بالسيف فأسر يوم بدر فأمر
(٢١٣)