تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٢٢٩
إن عذابها كان غراما» أي شرا دائما وهلاكا لازما وفيه مزيد مدح لهم ببيان أنهم مع حسن معاملتهم مع الخلق واجتهادهم في عبادة الحق يخافون العذاب ويبتهلون إلى الله تعالى في صرفه عنهم مختلفين بأعمالهم كقوله تعالى والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون «إنها ساءت مستقرا ومقاما» تعليل لإستدعائهم المذكور بسوء حالها في نفسها إثر تعليله بسوء حال عذابها وقد جوز أن يكون تعليلا للأولى وليس بذاك وساءت في حكم بئست وفيها ضمير مبهم يفسره مستقرا والمخصوص بالذم محذوف معناه ساءت مستقرا ومقاما هي وهذا الضمير هو الذي ربط الجملة بأسم إن وجعلها خبرا لها قيل ويجوز أن يكون ساءت بمعنى أحزنت وفيها ضميرا اسم إن ومستقرا حال أو تمييز وهو بعيد خال عما في الأول من المبالغة في بيان سوء حالها وكذا جعل التعليلين من جهة تعالى «والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا» لم يجاوزوا حد الكرم «ولم يقتروا» ولم يضيقوا تضييق الشحيح وقيل الإسراف هو الاتفاق في المعاصي والقتر منع الواجبات والقرب وقرئ بكسر التاء مع فتح الياء وبكسرها مخففة ومشدة مع ضم الياء «وكان بين ذلك» أي بين ما ذكر من الإسراف والقتر «قواما» وسطا وعدلا سمى به لإستقامة الطرفين كما سمى به سواء لاستوائهما وقرئ بالكسر وهو ما يقام به الحاجة لا يفضل عنها ولا ينقص وهو خبر ثان أو حال مؤكدة أو هو الخبر وبين ذلك لغو وقد جوز أن يكون اسم كان على أنه مبنى لإضافته إلى غير متمكن ولا يخفى ضعفه فإنه بمعنى القوام فيكون كالإخبار بشيء عن نفسه «والذين لا يدعون مع الله إلها آخر» شروع في بيان اجتنابهم عن المعاصي بعد بيان إتيانهم بالطاعات وذكر نفى الإسراف والقتر لتحقيق معنى الإقتصاد والتصريح بوصفهم بنفي الإشراك مع ظهور إيمانهم لإظهار كمال الاعتناء بالتوحيد والإخلاص وتهويل أمر القتل والزنا بنظمهما في سلكه وللتعريض بما كان عليه الكفرة من قريش وغيرهم أي لا يعبدون معه تعالى إلها آخر «ولا يقتلون النفس التي حرم الله» أي حرمها بمعنى حرم قتلها فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه مبالغة في التحريم «إلا بالحق» أي لا يقتلونها بسبب من الأسباب إلا بسبب الحق المزيل لحرمتها وعصمتها أو لا يقتلون قتلا ما إلا قتلا ملتبسا بالحق أو لا يقتلونها في حال من الأحوال إلا حال كونهم ملتبسين بالحق «ولا يزنون» أي الذين لا يفعلون شيئا من هذه العظائم القبيحة التي جمعهن الكفرة حيث كانوا مع إشراكهم به سبحانه مداومين على قتل النفوس المحرمة التي من جملتها الموءودة مكبين على الزنا لا يرعون عنه أصلا «ومن يفعل ذلك» أي ما ذكر كما هو دأب الكفرة
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300